أ.د. يوسف بن أحمد الرميح
المدرسة هي تلكم المؤسسة التربوية التعليمية الرائدة التي تعلم وتخرج وتثقف وتنشر الفكر النير وترفع الظلام وتنشر المحبة, وهنا سأمثل بالمدرسة بقدوة صالحة في مجتمعنا السعودي الطيب. والقدوة هي عبارة عن ذلكم الشخص والمثال الأعلى الذي يُقتدى به والنموذج المثالي في تصرّفاته وأفعاله وسلوكه تمامًا كالمدرسة، بحيث يُطابق قوله عمله ويُصدّقه، ويكون القدوة بالنسبة لأتباعه مثالاً ساميًا وراقيًا، فيعملون على تقليده وتطبيق نهجه والحذو حذوه، وينبع تقليدهم إياه من الإرادة والقناعة الشخصيّة للمقتدي، لا بالضغط الخارجي أو الإلزام من جهة القدوة بذلك، والهدف من اتباع القدوة الرقي لأعلى مستوى من الأخلاق والتعامل والعلم والأخلاق. وبلادنا حفظها الله وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار تحت القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين تحاول جاهدة الدفع بالمواطن السعودي للمبادرات الخيرة والتي تنفع المجتمع والوطن، حيث يعد النشاط الخيري والتطوعي مسارًا مهمًا لقياس نمو وتطور أي مجتمع من المجتمعات..
ولقد منَّ الله سبحانه وتعالى على بعض الناس بخدمة أمتهم ومجتمعاتهم ومنحهم الله تعالى حب الخير والعمل لله تعالى أولاً ثم لصالح الآخرين من أبناء مجتمعاتهم خاصة ممن صعبت حياته وقلت فرص نجاحه في هذه الحياة الصعبة. فنجد عددًا من الناس وهبهم الباري عز وجل خصلة إنكار الذات ونسيان النفس في سبيل الخير للآخرين وكما قال الحديث النبوي الشريف (خير الناس أنفعهم للناس). وبلادنا حفظها الله وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار تحت القيادة الرشيدة تحاول جاهدة الدفع بالمواطن السعودي للمبادرات الخيرة والتي تنفع المجتمع والوطن. وقد سخر الله أناسًا سعادتهم وفرحتهم تكمن في إسعاد الآخرين من فقير أو مسكين أو محتاج, وعندما نؤطر العمل الخيري والتطوعي ليكون عملاً تطوعيًا خيريًا مؤسسيًا بعيدًا كل البعد عن العشوائية والانتقائية ليكون نفعه وفائدته تعم أكبر شريحة من المجتمع المراد خدمته فهذا وربي الخير كله. وبلادنا تزخر ولله الحمد والشكر بالعديد من هذه المنارات الشاهقة والرموز الشاخصة في العمل الخيري والتطوعي والتي ترتب عليها إهمال الذات والأطماع النفسية الإنسانية التي كما ذكر ربنا عز وجل أنه من الخصائص الإنسانية التي جبل الله الناس عليها مثل حب المال وحب النفس وحب الجاه وغيرها.
وعندما يذكر رمزٌ من الرموز فهو يذكر للعلم وللقدوة للآخرين كي يحتذوا به. ومقالي هذا عن قدوة ورمز من رموز هذا المجتمع الطيب المبارك والذي عرف حق وطنه وأهله وأبناء مجتمعه فجرى حب الخير والعطاء والبذل أسرع مما يجري الدم في عروقه فهو معالي الوالد الشيخ عبد الله بن علي النعيم - حفظه الله - فالشيخ عبد الله النعيم لم يعرف عنه قطعًا أنه من أرباب المال, ولكن عرف عنه حب الخير والعمل التطوعي والخيري في المجتمع السعودي. فللشيخ عبد الله النعيم عددٌ من المبادرات الخيرة هذا طبعًا غير الأعمال الرسمية التي أنيطت به وقام بها خير قيام منذ أن عمل أمينًا لجامعة الملك سعود لعمله في الملحقية الثقافية في لندن للإدارة شركة الغاز والتصنيع الأهلية لينتقل بعدها لأمانة مدينة الرياض العاصمة الحبيبة لبلادنا والتي يتغنى بحبها الشيخ عبد الله النعيم صباح مساء، وبعد تقاعده من العمل الرسمي اتجه للعمل التطوعي الخيري بكل جهده وقوته وفكره وتخطيطه ليرسم للأجيال أن العمل الخيري والتطوعي لا تحده حدود ولا تقيده قيود، وليعلم الأجيال أن التقاعد ما هو إلا مرحلة لتركيز العمل والانطلاق نحو المستقبل بكل ثقة وكل تفاؤل. وهنا ركز معالي الشيخ عبد الله النعيم على العمل التطوعي المؤسسي فمن تأسيس مركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض والذي كان وسيظل بحق نقطة مضيئة وشعلة في سماء العمل الخيري التطوعي في وطننا الغالي, للجمعية الخيرية الصالحية بعنيزة التي تقف شامخة تعلم الأجيال بأن حق الأستاذ على طلابه كبير وعظيم، فلقد بادر معالي الشيخ ومعه عددٌ من طلاب المعلم والمربي الفاضل المرحوم الشيخ صالح بن صالح لتأسيس مؤسسة نادرة المثال لتبقي اسم معلمهم حاضرًا تعرفه الأجيال من شباب الوطن. وهاهو معالي الشيخ النعيم يخطو خطوة أخرى في هذا المجال التطوعي والخيري وهو تأسيس صرح عملاق ورائد توأم لمركز ابن صالح بمسمى مركز الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل الاجتماعي بعنيزة خاص بالمرأة بكل خصوصيتها محتويًا على عددٍ من الأقسام المهمة والحيوية مثل الإرشاد الأسري والضيافة والمكتبة والتدريب وغيرها). ومما لا شك فيه أن الناس في مجتمعنا الطيب والمبارك تبحث عن مبادرات رائعة وراقية لتدعمها ماديًا ومعنويًا ومعالي الشيخ عبد الله النعيم - حفظه الله - بادر وخطط ونفذ ومن ثم دعمه الكثير من أبناء المجتمع لكن المهم كانت البداية والمبادرة لمعالي الشيخ عبد الله وفكرالراقي والنير والإبداعي. فكم من فكرة رائدة ورائعة انتظرت طويلاً لمبادر مثل مبادرات الشيخ عبد الله النعيم ليجعلها واقعًا بعد ما كانت حلمًا أمنية. وعند مطالعة بسيطة لسيرة العلم عبد الله النعيم نلاحظ وبوضوح تأصل فكر التطوع وعمل الخير والذي أعطاه لأسرته لأنهم ببساطة تربوا ومنذ نعومة أظفارهم على مشاهدة العمل الخيري يتمثل شاخصًا يمثل طموحًا وهدفًا لوالدهم أبو علي. وكذلك من والدتهم المغفور لها أم علي السيدة الفاضلة حصة الصالح الراجحي - رحمها الله- فقد كانت رحمها الله نعم العون والنصير والملهم لشيخنا الفاضل وأسرته الكريمة. فهذه ابنة معالي الشيخ عبد الله الأستاذة الجامعية والمؤرخة المعروفة البروفيسورة نورة (رحمها الله) قامت مع كريمتيها الدكتورة لمياء والأستاذة نجلاء ببناء مدرسة متوسطة في أحد أحياء عنيزة لتحمل اسم زوجها ووالد ابنتيها الراحل الأستاذ صالح العبد الله النعيم - رحمهما الله - لتخلد ذكراه وتم تحويله لإدارة التعليم كتبرع لهم، ولتكون بإذن الله علمًا ينتفع به إلى قيام الساعة، وكذلك لتكون نبراسًا للآخرين وقدوةً لهم بأن العمل الخيري لا تحده حدود وليس مرتبطًا بالدعم الحكومي فقط. ثم هذه ابنته الأستاذة الدكتورة لولوة وهي البروفيسور في طب النساء والولادة ومن أمهر الطبيبات السعوديات، ولم يعرف عنها الثراء غير راتب العمل الذي تتقاضاه من عرق جبينها وتعبها وسهرها لمعالجة مريضة أو سقيمة، ها هي الدكتورة لولوة تبني مدرسة باسمها في حي شعبي في مسقط رأسها عنيزة ليعطى بعد تشييده لإدارة التعليم، ولو رغبت لبنت مدرسة خاصة أهلية للتعليم المدفوع، ولكن وراثة الطيبة والبذل وإنكار الذات ورثته من والدها الشيخ ووالدتها رحمها الله. فأسست مدرسة حكومية كلفتها أكثر من مليون ونصف المليون جمعته من راتبها. ثم أخيرًا ها هي الدكتورة لولوة وبدافع الوراثة التي فرضت عليها العطاء والبذل والإيثار قامت أخيرًا ببناء مستوصف في حي شعبي، كذلك في مسقط رأسها عنيزة وأعطي لوزارة الصحة كي يخدم سكان الحي. وهو يعمل حاليًا بعدما تم استلامه بطريقة رسمية من وزارة الصحة. وهذا يؤكد نظرية الوراثة في الطيب والكرم والبذل والإيثار لدى هذه الأسرة الكريمة. ويتكرر المشهد المثالي مرة تلو مرة لأن تقوم منال ابنة معالي الشيخ الصغرى بتأسيس لروضة أطفال بمحافظتها الوادعة عنيزة لتخدم جمهور أهلها. هذه الروضة كلفتها أكثر من مليوني ريال.
هذه المواقف مجتمعة تدل بكل وضوح على روح العطاء والبذل والإيثار لمعالي الشيخ عبدالله النعيم -يحفظه الله-.. ولا أدل من ذلك على الدعم الكبير لمعالي الشيخ سواء لمركز الملك سلمان بالرياض أو الجمعية الصالحية أو مركز الأميرة نورة في عنيزة وغيرها كثير.. ولعل نقطة في بحر البذل والعطاء تبرعه -يحفظه الله- في مبنى استثماري وقفي لصالح الجمعية الصالحية بعنيزة بتكلفة تزيد على عشرة ملايين ريال.. وخذ مثالاً واحدًا فالمهندس علي ابن معالي الشيخ تعرض لوعكة صحية تطلب تبرع أحد له فقامت ابنته الصغيرة سلمى بالتبرع بجزء من جسدها الصغير لصالح والدها لأنها ببساطة عاشت وترعرعت في جو ومناخ ممتلئ ومشبع بالإيثار والعطاء والبذل حتى من أجسادهم فلا غرابة بذلك.
جانب مضيء آخر لمعالي الشيخ عبد الله النعيم هو نهمه بالقراءة والاطلاع لذلك نجده حفظه الله قد أصدر عددًا من الكتب القيمة والثمينة للقارئ العربي في تجسيد جميل لتجاربه الريادية والإدارية والتطوعية والإنسانية هذا طبعًا غير ما كُتب عن معاليه من كتب تحكي السيرة الذاتية والتجارب لمعالي الشيخ حفظه الله ورعاه.
عندما ننظر لهذه المشاهد المثالية، ولتلك الروعة المتناهية في البذل والعطاء وإنكار الذات في سبيل إسعاد الآخرين نعرف تمامًا قدر قيمة الإنسان المعطي الباذل والعامل للخير والدال عليه. كذلك نلاحظ ملاحظة مهمة، وهي أن جميع مشروعات معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته كلها تندرج بما يسمى اليوم «بالتنمية البشرية» والتي من أهم مرتكزاتها التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والثقافية، وهذا ما تدور حوله جميع المشروعات التنموية الخيرية والتي قام ويقوم بها معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته.
ولا شك في أن عنيزة الفيحاء والتي جاءت غالبية مشروعات معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته الكريمة الخيرية فيها، حيث إنها مسقط رأسه ومن المعلوم أن معالي الشيخ وأسرته يكنون لعنيزة كمًا هائلاً لا ينضب من الحب والتقدير وبالوقت نفسه فعنيزة وأهلها يكنون لمعالي الشيخ عبد الله العلي النعيم وأسرته الكريمة حبًا متبادلاً وعرفانًا بالجميل وتقديرًا لجهود معالي الشيخ عبد الله التي زرعها بينهم، فلا يكاد يخلو مجلس من مجالس عنيزة يذكر فيه العمل الخيري، لا تسمع فيه ذكر لمناقب الشيخ عبد الله النعيم وأسرته الكريمة الخيرية. وإنما كتبت هذا المقال لتتعلم الأجيال فضل أهل الفضل وإحسان أهل الإحسان، وأن أهل الخير كثير ولله الحمد والمنة، وهم فعلاً القدوات الصالحة التي يجب أن يقتدى بهم في هذا المعترك الكبير في الحياة المعاصرة، فكم فعلاً نحتاج من عبد الله النعيم وكم نحتاج من د. نورة النعيم رحمها الله، وكم نحتاج من أ.د. لولوة النعيم لإقامة مشروعات تنموية تنفع الجميع فليست إقامة تلك المشروعات من مدارس ومراكز صحية وجمعيات خيرية تقع حصرًا على الجهات الحكومية لإقامتها وهذا فكر ناقص وقاصر.. وهنا يعلمنا فكر معالي الشيخ عبد الله العلي النعيم وأسرته بأن المواطن السعودي هو بلا أدنى شك شريك أساس للحكومة في مشروعات التنمية المشتركة إقامةً وإدارة واستفادة وتعامل. فما أحوجنا اليوم فعلاً للعشرات من عبد الله النعيم وفكره وقيمه وعطائه ومبادراته. ولابد من اليقين أنه لم يكن لهذه القدوات أن تكتمل لولا توفيق الله سبحانه وتعالى لهم أولاً، ثم بالدعم والمؤازرة والتشجيع الذي وجده معالي الشيخ عبد الله النعيم وأسرته كلها من قيادة هذه البلاد المباركة التي تشجع وتدعم وتؤازر أهل الخير والإحسان والبذل والعطاء من قِبل سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك الوالد القائد سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله - اللذين همهما الأول المواطن السعودي أينما وجد بصحته وتعليمه وأمنه ورغد عيشه ورفاهيته، واللذين هما المثل الأعلى للمواطن في العطاء والبذل والإحسان.
وكما ورد في الحديث الشريف «أن من لا يشكر الناس لا يشكر الله»، فمن هذا المنطلق نقول لمعالي الشيخ عبد الله النعيم ولأولاده وأسرته شكرًا ودمتم باذلين نافعين لمجتمعكم ووطنكم ونقول للوالد أبو علي أحسنت وكثر الله خيرك وما قصرت وهذا من ديننا الحنيف بأن نذكر المحسن وندعو له ونشيد بعمله وهذا العطاء والبذل ليس بمستغرب على هذه الأسرة الطيبة وهذه من أحد متطلبات المواطنة الصالحة أن يبذل الإنسان لوطنه ومجتمعه والتي طبقها معالي الشيخ عبد الله على نفسه وأولاده فكان فعلاً نعم المواطن الصالح وكانت أسرته مثله وأصبح معالي الشيخ وأولاده وأسرته فعلاً كما قال تعالى: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا}، وكما قال أحد الحكماء (لا تقل مطلقًا ماذا فعل وطنك لك ولكن قل ماذا فعلت أنت لوطنك).
** **
الأستاذ بجامعة القصيم - مستشار إمارة منطقة القصيم