د. معراج أحمد معراج الندوي
إن موضوع الإسلام والمسلمين من الموضوعات التي لم تلق عناية مطلوبة وتجاهله الباحثون والكتاب كأن لا وجود للمسلمين في نيبال مع الرغم أن نسبة المسلمين تصل إلى 10 % بسكانها، وهذا البلد من بلاد الأقليات المسلمة منذ دخول الإسلام فيه لم يحكمه الإسلام أبداً.
نيبال دولة صغيرة من نوعها في العالم، وهي ذات الأديان المختلفة تقع في شرق آسيا بين البلدين الكبيرين الهند والصين، تحيطها الهند من ثلاث جهات شرقاً وغرباً وجنوباً، وأما الشمال فتحدها الصين، فهي كالمسطرة أو اللبنة في الشكل ليست مستديرة من جهاتها الأربع، بل هي أكبر طولاً بالنسبة للعرض مع الحدود من الهند من الجهة الشمالية.
الإسلام دين أقلية في نيبال، والمسلمون منتشرون في كافة أنحاء البلاد ولهم المراكز الدعوية والمدارس الإسلامية والمساجد المنتشرة بأعداد كبيرة، وهي الديانة الثانية التي يزداد عدد معتنقيها يوماً بعد يوم. ومنذ إعلان الدولة العلمانية في 28 من مايو 2008م، تم الاعتراف بالأقليات الدينية وبعض الأعياد مثل عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الميلاد، حيث أصبحت هذه الأعياد عطلاً رسمية.
يعيش المسلمون في نيبال وسط أغلبية هندوسية وأقلية بوذية، ولا يستطيعون ممارسة حقوقهم وأحوالهم الشخصية حسب الشريعة الإسلامية لعدم وجود قانون للأحوال الشخصية للمسلمين، إلا أنهم أحرار في أداء واجباتهم وأعمالهم الدينية كالصلاة والزكاة والصوم والأضحية والزواج وغير ذلك من إقامة الاجتماعات الدينية وبناء المدارس والمراكز الإسلامية وعمارة المساجد.
لم يكن المسلمون العرب يجهلون نيبال. ويأتي بعد ذلك فراغ في التاريخ المتعلق بهذا الشأن يدون عدة قرون، ونسمع بعد ذلك في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي عن تأثير الإسلام في نيبال بعد قيام الحكم الإسلامي في شمال الهند. بدأت الدعوة الإسلامية تأخذ طريقها عبر أراضي نيبال عن طريق علاقات تجارية مع العرب كما استوطن التجار المسلمون مناطق عديدة من نيبال.
وكان تجار من كشمير يسافرون إلى تِبَّت عن طريق كاتمندو للتجارة. بدأ المسلمون من كشمير ينتقلون ويسكنون في دولة نيبال رسميا. وكان لتجار كشمير جهود جبارة في نشر الإسلام في النيبال، وهؤلاء هم الذين بنوا مسجداً كبيراً في العاصمة كاتماندو، المسجد الكشميري، ولا يزال أحفاد هؤلاء المهاجرين الكشميرين يعيشون في العاصمة.
إن المسلمين الأوائل الذين استقروا في نيبال، حضروا في عهد الملك «رتنا ما للا» في بداية القرن السادس عشر، حيث سمح لهم الملك بالقيام في نيبال لغرض التجارة، وكانوا هؤلاء من التبت والهند وكشمير، قد صاحب في وفد كشمير معلم مسلم إلى كاتماندو من كشمير عام 1524م، اشتغل بالتجارة في البداية، ثم انفصل من التجارة واختار مهنة التدريس، وبذل قصارى جهوده للدعوة الإسلامية، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، فأسلم على يديه ألوف من النيباليين، قام هذا المعلم ببناء أول مسجد في أرض المعابد المعرف بالتكية الكشميرية.
بجهوده الجبارة دخل الناس في الدين الحنيف أفواجا أفواجا وانتشروا في ناحية من أنحاء البلاد، ويعود المسلمون في نيبال إلى عدة أصول، فإلى جانب المسلمين من أهل نيبال، توجد عناصر مسلمة استوطنت البلاد منها الكشميريون والأفغان والمغول، وهناك مسلمون من أصل بيهاري من الهند ومن بنجلادش، وهناك جالية عربية قديمة.
واليوم يشكل المسلمون حوالي 10 % من سكّان نيبال البالغ عددهم 30 مليون نسمة، تختلف ثقافتهم عن المجموعات الأخرى، ويشعر العديد من المسلمين بالإيجابيّة حول ما قد يحمله المستقبل الزاهر.
قام معلم كشمير بالدعوة الإسلامية في نيبال وانقلب تيار التاريخ وتغير مجرى الحياة ، وأخرج الناس من ظلمات الدنيا إلى النور، من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الجور إلى العدل والمساواة والمحبة والإنسانية، فسلام الله على المعلم الكشميري.