محمد سليمان العنقري
القيمة الاقتصادية لمشاهير عالم الترفيه عموماً والرياضة خصوصاً لها تأثير بالغ في توجيه متابعيهم لخياراتهم في كثير من مستلزماتهم الحياتية أو وجهات سفرهم لقضاء العطل وغيرها من العلامات التجارية للسلع الاستهلاكية التي يفضلونها ويعدون بلا منازع نجوم سوق الدعاية والإعلان ومع وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أي منتج أو وجهة يعلنون لها تلقى رواجاً واسعاً وانتشاراً كثيفاً وإقبالاً عالياً على تجربة ما يقومون بالدعاية له فحجم سوق الإعلانات الرقمية تقدره بعض الإحصاءات العالمية بأكثر من 450 مليار دولار ومن خلال عدد متابعي مشاهير عالم الترفيه يتم تحديد سعر الإعلان بمختلف وسائل التواصل، بل إن دخلهم من هذا السوق بات يقارب ما يحققونه من عقودهم الأساسية مع أنديتهم الرياضية أو إنتاجهم الفني للفنانين عموماً ولعل من أهم القطاعات الاقتصادية التي تستقطبهم للدعاية لها السياحة فهي صناعة متكاملة ولها تأثير واسع بالناتج الإجمالي للدول التي تعتمد عليها.
وفي المملكة وبعد إطلاق رؤية 2030 م كانت السياحة من أهم القطاعات التي تعمل الدولة على النهوض بها لتكون السياحة بالسعودية على خارطة المنافسين عالمياً وليس إقليمياً فقط من خلال بناء منظومة سياحية تديرها عدة جهات على رأسها وزارة السياحة والتركيز على دعم النشاط السياحي ببنية تحتية متكاملة من وسائل نقل متنوعة ومرافق حيوية بأعلى المواصفات من مطارات وموانئ وشبكة سكك حديدية وطرق برية بالإضافة لشبكة النقل الداخلي بالمدن الكبرى إضافة لما تتمتع به المملكة من بنية تحتية رقمية متقدمة وشبكة اتصالات ضخمة وقطاع مالي يقدم أفضل الخدمات بيسر وسهولة، كما إن إقرار أنظمة داعمة لتسهيل دخول السياح كان له دور مهم باستقطاب الاستثمارات للقطاع السياحي حيث تم إقرار إصدار التأشرات السياحية من منافذ المملكة لمواطني عشرات الدول نتج عن ذلك قدوم مئات الآلاف منذ إقرار النظام العام 2019 بالرغم من تعطل حركة السياحة لفترة تفشي جائحة كورونا في 2020 م كما تم إقامة العديد من البرامج والمهرجانات السياحية وكذلك المواسم الترفيهية حيث أصبحت تتشكل خارطة الترفيه والمهرجانات على مدار العام في المملكة بعدة مدن وهي ليست إلا البدايات لبرنامج استراتيجي للانتقال بالسياحة لصناعة متكاملة توفر مستقبلا أكثر من 1.5 مليون فرصة عمل بمختلف الخدمات المرتبطة بها بالإضافة لإنشاء أكثر من 500 ألف غرفة فندقية مع برامج تمويل خاصة لدعم النشاط السياحي عبر صندوق أنشئ خصيصاً لتمويل مشاريع السياحة.
وبما أن السياحة نشاط اقتصادي يعد رافداً مهماً في جذب الاستثمارات وتوليد فرص العمل فهو أيضاً من القوى الناعمة التي تعرف العالم بالدولة المهتمة بالسياحة وينعكس أيضا في زيادة تدفق الاستثمارات لقطاعات اقتصادية عديدة وتعد جزءًا رئيسياً في رفع مستوى جودة الحياة وللتعريف بالسياحة بالمملكة لا بد من القيام باستخدام كل وسائل الترويج لها كما تطبقه مختلف دول العالم التي سبقتنا في صناعة السياحة ومن بين هذه الطرق اعتماد مشاهير عالميين لهم سمعة ورصيد إيجابي كبير لدى متابعيهم ولعل اختيار نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي ليكون سفيراً للسياحة السعودية بحسب ما أعلن عن ذلك وزير السياحة أحمد الخطيب حيث يعد ميسي من بين أفضل لاعبي كرة القدم على مر التاريخ ويعرف بالتزامه بقواعد وقوانين احتراف كرة القدم بخلاف ما حققه من عشرات الألقاب على مستوى بطولات الفرق التي لعب لها وحصوله على جوائز فردية دولية عديدة مما انعكس على الطلب عليه بسوق الدعاية حيث يتابعه على برنامج الصور الشهير انستغرام 326 مليون متابع من مختلف دول العالم مما يمثل قيمة كبيرة له وترويج واسع لكل إعلان أو دعاية يقوم بها فاختيار ميسي بما له من شعبية واسعة خصوصاً أنه زار المملكة عدة مرات ولديه معرفة وعلاقات فيها يعد خطوة ناجحة حيث يتمتع بقيمة اقتصادية ظهرت عند انتقاله من نادي برشلونة لباريس سان جيرمان حيث كان له دور بأكثر من 20 في المائة من إيرادات نادي برشلونة بخلاف تأثيره في قيمة النادي السوقية التي تراجعت بعد انتقاله منه.
المملكة تؤسس لقطاع سياحي ليصل تأثيره إلى 10 في المائة من الناتج المحلي وتقوم لتحقيق ذلك بإنشاء مشاريع عملاقة في مناطق عديدة مثل مشروع البحر الأحمر وأمالا والقدية والعلا مع تطوير بالبنى التحتية وتدريب وتأهيل للكوادر البشرية الوطنية داخل وخارج المملكة مع الوصول لتحقيق مائة مليون زيارة سياحية من الداخل والخارج ولعل ما أعلن عنه في مؤتمر مستقبل الطيران من توجه لإنشاء شركات طيران وتعزيز الاستثمار بالقطاع بما يصل إلى 100 مليار دولار يؤكد دعم قطاع السياحة الذي يعتمد في نجاحه على عوامل عديدة من أهمها توفر وسائل النقل ووصولها لمختلف الوجهات العالمية.