ميسون أبو بكر
حرضتني على كتابة هذا المقال تغريدة الأستاذ نبيل زارع عضو نادي جدة الأدبي والتي شكر فيها عنيزة التي كرمت أحد أبنائها الذي كانت له إسهامات كثيرة في المشهد الثقافي: الأستاذ إبراهيم التركي المشرف سابقًا على الصفحات الثقافية في جريدة الجزيرة، وقد وجه زارع نداءه للأندية الأدبية أن تحذو حذو عنيزة.
لعل تغريدته استحضرت لذهني المقولة التي تقول إننا أمة لا تكرّم مبدعيها إلا عندما يرحلون ولا توقد الشموع إلا بعد رحيلهم، وهو أمر مؤسف ألا يُكرّم المبدعون في حياتهم وأمام أهلهم، وخسران كبير يحرمنا من مشاهدة فرحتهم وهم أحياء يرزقون.
التكريم تقدير يستحقه الأوفياء الذين أفنوا العمر في جدٍّ وعمل دؤوب وانتماء للمكان الذي يعملون فيه بوفاء، وهو تحريض على تقديم المزيد وعرفان بالجميل، كيف لا ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، والوفاء صفة الكرام، والمبدع يستحق الإشادة والإشارة له.
عمل وأبدع كثيرون في ظروف صعبة و بأجر لا يذكر لأجل رسالة سامية ووطن هو الأعلى والأغلى؛ وبعضهم لم يكن سعودياً بل اختاروا طواعية وحباً الحياة على أرض صارت الوطن الحقيقي لهم والذي ورّثوا حبه لأبنائهم فتوارثوه .
تغريدة زارع أطلقت الجرس ليس للأندية الأدبية فحسب بل للمؤسسات المختلفة التي أخلص لها كثر وأبدع في فضائها الذين تركوا لهم بصمات خالدة كلٌّ في مجاله.
الشيخ الطنطاوي رحمه الله الذي عرفناه عبر التلفزيون السعودي وكان برنامجه يسبق مدفع رمضان له أثره في الإعلام الديني؛ فقد تميز بأسلوبه العذب المقنع وثرائه المعرفي وبساطة تقديمه تحت ما يسمى السهل الممتنع، وكم اجتمع من جمهوره ومحبيه أمام شاشة التلفاز في الشهر الفضيل تحديداً للنهل من معرفته وعلمه، واستطاع أن يحظى بمكانة مرموقة بين شعب المملكة العربية السعودية وفي قلوبهم؛ وأن يكون علامة فارقة في الإعلام المرئي والمسموع، فقد كرم بما يليق بحضوره في حياته وأثره بعد وفاته.
وإن شعور التكريم والتقدير الذي يأتي من المكان الذي غرس المبدع فيه ثمرة جهده يعادل أضعافاً مضاعفة تكريمه في مواقع أخرى في العالم.
برّوا بمبدعيكم لينصفكم التاريخ وفي الحياة متّسع.