(1)
أجلس وحيدا في فراغ لم يتصالح مع عقارب الساعة،
أرقب خطوات الثواني المتثاقلة وهي تمر كسلحفاة سئمت طول المسير..
فأتساءل بملء الضجر: كيف أؤثث هذا العدم؟
(2)
بداخلي تتفرع شجيرات الصمت، تغدو غابة..
أفتش عن ضوضاء كانت تزدحم برأسي فذابت، عن صور كانت مشرعة على عتبات التداعي، عن أي حكاية عالقة في ردهات ذاكرتي التي باتت كقرية مهجورة..
(3)
أبحث عن كذبة جديدة أحتال بها على اللغة،
أفعل ذلك عادة ؛ لأكتب نصا يبرر ظهوري مجددا على واجهات تويتر وفيسبوك، أفعل ذلك أيضاً؛ كي أطمئن لكوني ما زلت على قيد الكتابة..
لكنني الآن أكتب لأتسلل من هذا الفراغ..
(4)
ملل يحول بيني وبين الأشياء المحيطة بي، ما عاد بمقدوري أن أتعاطى مع شيء داخل الغرفة:
- الصور المعلقة على جدرانها/
- أحجار الدومينو المتناثرة على الطاولة/
- الكتب المصفوفة بعناية على الرف/
- أدوات الرسم التي لم أمسسها منذ أشهر/
وسائر مقتنياتي الأخرى..
لا رغبة لدي الآن في فعل شيء..
(5)
أتمعن في فضاء هذا التبلد، أحاول العثور على أيقونة إعادة التشغيل؛
لعلي أعود إلى حالتي السابقة..
أو على آلة زمن أعبر منها هذه المساحة من الوقت..
(6)
كيف أبدد هذه الوحشة التي تحدق بي من كل ناحية؟
كيف أفك قيود السأم التي تكبل أجنحة خيالي وتفكيري؟
كيف أخرج من هذا القبو الوهمي الذي كنت أظنه عزلة؟
(7)
أنتظر نافذة تنبثق لي من هذا العدم..
أنتظر يدا تمتد إلي لتنتزعني من هذا الغرق..
أنتظر أي شيء،
أي شيء،
ولو كان موتا يخلصني من رائحة الضجر التي تخنق كل حواسي..
(8)
عقارب الساعة تذبل، أخشى أن تسقط في هذا المهمه وتتوقف خطوات الوقت..
أتجنب النظر إليها لئلا أراها تهوي، فيهوي معها فتات الصبر الذي أتكئ عليه حتى هذه اللحظة..
** **
- أحمد يحيى القيسي