سليمان الجاسر الحربش
هذا بيت من قصيدةً أحمد شوقي في دمشق:
سلام من صبا بردى أرق
ودمع لا يكفكف يا دمشق!
ولو سألت أمير القوافي في أي حرية يتغنَّي لقال لك إن الجواب عند الشهيدة شيرين أبو عاقله: إنها حرية الإعلام أو حرية الأوطان أو حرية الشرف الرفيع المحوط بالأذى. دفعت شيرين نفسها ثمناً لهذه الحرية شأنها شأن من سبقوها من الشهداء من كافة الفئات العمرية.. ردود الفعل بعد مقتل شيرين كانت سريعة منها ما صدر في واشنطون العاصمة: استنكار لهذه الجريمة المروِّعة والحث على إجراء تحقيق سريع للكشف عن مرتكبي هذه الجريمة البشعة وكأن الجاني غير معروف.
من يتابع مباريات أبطال أوروبا في كرة القدم يلاحظ العبارة التي تعلو الشاشة قبيل بدء المباراة: أوقفوا الغزو Stop Invasion مع أن الروس يقولون إنهم يدافعون عن أمنهم الذي يتهدده حلف الناتو متستراً وراء النظام السياسي في كييف وهو نظام لا تنقصه العدة ولا العدد، أما شيرين فقد سقطت وهي ترتدي الدرع الذي يميزها كإعلامية تغطي أحداث المنطقة منذ سنوات عديدة وليس في يدها غير قلم وكراسة ومع ذلك يلمحون بوجهة نظر العدو بأن شيرين سقطت بنيران صديقة.
لقد عبَّر الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الجريدة بضمير الإعلامي المحترف وقلم الكاتب الملتزم في وصف ما حدث حين قال:
«والإعلامية شيرين أبو عاقله التي قتلها الجيش الإسرائيلي أمس وهي تؤدي عملها الإعلامي ولديها به ترخيص من الجيش الإسرائيلي يعطيها الحق في تغطية الأحداث والتطورات وضمنها الاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين الفلسطينيين العزّل إلا من الحجارة في مواجهة جيش مدجج بكل أنواع الأسلحة الفتَّاكة».
أما موقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية على مر العصور فهو معروف للجميع من الملك عبدالعزيز الذي قال للرئيس روزفلت حين قابله بناءً على طلبه في البحيرات المرة في مصر عام 1945 «يستوعبهم من شرّدهم» يقصد اليهود وما لقوه من النظام النازي مروراً بكل أبنائه البررة، ويكفي أن نتذكّر ما رواه السفير الفلسطيني في الرياض الأخ باسم الأغا عن الملك سلمان (الأمير في ذلك الوقت) حينما التقى بالسفراء العرب في الجزائر وعندما جاء الدور على سفير فلسطين الذي قال: أبو العز سفير فلسطين في الجزائر بادره الأمير بقوله: سلمان بن عبدالعزيز سفير فلسطين في المملكة العربية السعودية. ومواقف الملك سلمان الصريحة من القضية الفلسطينية مثل يحتذى ولا تحتاج إلى تفصيل.
رحم الله الشهيدة شيرين وكأن مقتلها في هذا الشهر جاء نذيراً لكل العرب فبعد أسبوع من الآن يمر 74 عاماً على النكبة: إنه الخامس عشر من مايو 1948:
هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً.. صدق الله العظيم.