د.شريف بن محمد الأتربي
على مدار أربعة أيام من الأحد 8 مايو 2022 وحتى الأربعاء 11 مايو 2022؛ اكتظت أرض مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض بآلاف من الزائرين للمؤتمر والمعرض الدولي للتعليم 2022، حيث شارك في المعرض 23 دولة، وأكثر من 50 وزيرًا ومختصًا بالتعليم، قدموا 9 جلسات رئيسية، إلى جانب 130 ورشة عمل، تمنح شهادات معتمدة للحضور، حيث إن المؤتمر معتمد من قبل خدمة إصدار الشهادات التطوير المهني المستمر CPD - المملكة المتحدة. وهو اعتراف واعتماد دولي مستقل بالمؤتمرات أو الدورات التدريبية أو برنامج مشاركة المعرفة بصفتها عملية وموثوقة ومفيدة ومساعدة في تطوير الكفاءات الخاصة وتحسين المهارات المهنية. وهو تصديق علمي وفني على الجدية البالغة للمؤتمر، وإقراره بتأثر المشاركين إيجابيًا.حيث تتطلع وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية إلى أن يكون هذا المؤتمر ومعرضه الدولي واحداً من أبرز الفعاليات التعليمية المتخصصة، وإطاراً عالمياً للتواصل، وتبادل الخبرات وفق أفضل الممارسات العالمية، وإثرائها بتجارب الدول المتقدمة، وتأسيس تعاون متبادل، وشراكات تتكامل في خدمة بناء المجتمع المعرفي وعالمية التعليم.
كما سعت الوزارة من خلال هذا المؤتمر إلى التواصل مع مؤسسات التعليم العالمية الشهيرة، وجمعها تحت سقف واحد مع نظيراتها المحلية، للمساهمة في استمرار تطوير التعليم في المملكة والعالم، وخلق بيئة تعليمية تتجاوز الحدود إلى آفاق جديدة من التعاون العالمي، وإلى ترسيخ علاقات متينة مع أشهر المؤسسات، والهيئات التعليمية في العالم لتحقيق هدف مشترك واحد وهو بناء إنسان المستقبل.
وانبثق عن هذا الهدف مجموعة من الأهداف المتصلة بالتعليم في المملكة، هي:
- الإسهام في تعزيز رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وتأكيد دورها بوصفها قوة فاعلة في الحضارة والعلوم والتقدم الإنساني.
- استعراض الفرص المتاحة لتطوير التعليم في المملكة، والاستثمار في إمكاناته، وبناء إنسانه منذ طفولته.
- تبادل الخبرات، والتجارب التي تعكس الرغبة في التطوير والتنافسية العالمية.
- تعزيز فرص المشاركة المحلية، والدولية في تقديم التعليم والاستثمار فيه.
- التعريف بمحفزات الاستثمار في التعليم وجذب فرصه المحلية والعالمية.
- التغلب على التحديات التي تواجه التعليم في المملكة، وتقديم الحلول التي تسهم في رفع مستوى مخرجاته، وكفاءة مؤسساته، وفق المعايير والمؤشرات الدولية للقياس والتقويم.
وعلى مدار هذه الأيام الأربعة استمتعت، واستمتع معي الحضور بالجلسات ووش العمل المتعددة، حتى كنا نلهث من الانتقال بين قاعة المؤتمر وقاعات الورش الثلاث، حيث استمتعت بحضور الجلسة الافتتاحية وسماع كلمة معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ، ومعالي وزيري التعليم في كل من دولة الإمارات المهندس حسين بن إبراهيم الحمادي، وجمهورية مصر العربية الدكتور طارق شوقي، وباقي المشاركين. وفي اليوم الثاني كانت جلسة التعليم الإلكتروني في المملكة: رؤية دولية من أمتع الجلسات، حيث عرض المشاركون أربع ورقات في هذا المحور تجارب وأرقام عالمية ترسخ لما وصلت إليه المملكة في تطبيق نظام التعليم الإلكتروني، ومن أهم ما تم عرضه ورقة بعنوان: مدرستي: المنصة الوطنية المبتكرة للتعليم الإلكتروني من وجهة نظر دولية، والتي قدمتها الدكتورة عهود بن عبد الفارس، المشرف العام على الإدارة العامة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، استعرضت من خلالها الجهود التي بذلتها الوزارة خلال وبعد جائحة كورونا، والإشادة الدولية والعالمية بهذه الجهود.
ومن الورش التي سعدت بحضورها والمشاركة فيها، تجربة كل من جامعتي الملك عبد العزيز ونجران خلال الجائحة. حيث قدم الدكتور هشام بن جميل برديسي عرضًا لآلية مواجهة جامعة الملك عبد العزيز المشكلات التي نتجت عن تعليق الدراسة، وكيف استطاع أكثر من 104.000 طالب وطالبة الاستفادة من برامج التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد. أما في جامعة نجران، فقد صحبنا الدكتور خالد آل عامر في رحلة تعليمية شيقة، بدأت منذ عام 2015 بمبادرة الحد الجنوبي، وامتدت حتى جائحة كورونا وما بعدها، والتخطيط للمستقبل من خلال رؤية للتعليم الإلكتروني حتى 2023 وما بعدها، وما أن انتهت الورشة إلا وتوجهت إلى مقر الجامعة في المعرض لاستكمال النقاش في حضور قيادات الجامعة برئاسة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن بن إبراهيم الخضيري.
أما عن العارضين فقد بلغ عددهم 262 عارضًا، منهم 114 جهة محلية، 148 جهة دولية، تميزت جميع المشاركات المحلية بالكفاءة والإبهار، ومن أبرز القاعات التي زرتها؛ قاعة شركة تطوير لتقنيات التعليم (تيتكو) حيث عرضت الشركة مجموعة متميزة من المنتجات والأدوات المساعدة في العملية التعليمية، مثل منتج عارف، وهو تهيئة إمكانات الذكاء الاصطناعي في محاكاة التقدم المتسارع للتقنية الحديثة لعملية التواصل التي تركز على جودة وتحسين حياة المجتمعات من خلال تطوير روبوت دردشة تفاعلية بمختلف قنوات التواصل المباشر في مجال خدمة العملاء وعلى مدى 24 ساعة، وتطبيق تحدي، وهو تطبيق إلكتروني على الأجهزة الذكية مبني على أساس الترفيه المعرفي من خلال استغلال المناسبات والأحداث المحلية؛ حيث يقدم نقاط مشاركة يقوم المستخدمين بجمعها خلال تفاعلهم مع التطبيق، ومنصة مسارك، وهي منصة إلكترونية مبنية على أسس علمية معتمدة تهدف إلى توجيه الطلاب نحو المسارات الأكاديمية الملائمة لهم والمتوافقة مع الحاجة المهنية لسوق العمل مستقبلاً، وتقدم تصور واضح عن المهن الواعدة في المستقبل والمتوائمة مع توجه المملكة في رؤية 2030، وغيرها من المنتجات والتطبيقات، لعل أبرزها وما أشارت له العديد من وسائل الإعلام، وهو منتج (مصروف)، وهو عبارة عن إسوارة ذكية للطلاب يتم التحكم بها عن طريق ولي الأمر لتنفيذ جميع التعاملات المالية عن طريقها، ومن ضمنها الشراء من المقاصف المدرسية بما لا يتجاوز قيمته 25 ريالاً فقط، ويستطيع ولي أمر الطالب الاطلاع على كافة تفاصيل المصروفات المالية لابنه خلال اليوم، وهي مناسبة ومهيأة لجميع الأعمار والطلاب من مرحلة رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية. وقد مثل معرض تيتكو نموذجًا رائعًا للنجاح في العرض وجذب الزوار حيث زاره عدد كبير جدًا من زوار المعرض على مختلف أعمارهم وتخصصاتهم، ووقعت تيتكو خلال المعرض العديد من اتفاقيات الشراكة مع جامعات وهيئات محلية وعالمية.
ومن قاعات العرض أيضًا التي جذبت الزوار؛ قاعات عرض الجامعات والهيئات السعودية، مثل: جامعة نجران، جامعة الملك عبد العزيز، جامعة الملك سعود، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع، وهيئة تقويم التعليم، وتطوير للمباني، وتطوير للخدمات التعليمية، وجامعة بيشة، و...
ومن أجمل المواقع التي جذبت إليها أنظار الزوار، جامعة أم القرى، حيث حافظت الجامعة في قاعتها على الهوية البصرية التي تتمتع بها مكة المكرمة، فكانت قاعة العرض كأنها جزء من مدينة مكة، قبلة المسلمين.
كل الشكر لوزارة التعليم، ومعالي الوزير على هذا الحدث الرائع في هذا التوقيت، الذي يسبق الاختبارات النهائية، فقد اتيحت لطلابنا فرصة استعراض العشرات من الجامعات المحلية، والعربية، والعالمية، ليقرروا بأنفسهم مستقبلهم الواعد -بإذن الله، كما كانت الفرصة متاحة أمام الجميع للحصول على المعرفة الجديدة، والتجارب الرائدة في قطاعات التعليم، وكذلك للمؤسسات التعليمية في التعرف على كثير من المنتجات المساعدة في العملية التعليمية.
وطني قد عشت فخر المسلمين.
** **
- مستشار تدريب وتعليم إلكتروني