مها محمد الشريف
السويد وفنلندا يشعلان الصراع بين الناتو وروسيا في القطب الشمالي وتسهم هذه الخطوة في جرّ منطقة أوروبا الشمالية التي اتسمت تاريخيا بحيادية معظم دولها، فمقدمة الخبر أحاطت بجوانب مختلفة من تطور الأمر بصورة سريعة ليتحول إلى نزاع عالمي وظهور صراع آخر في الأفق بين روسيا والغرب، وبدت المعركة بالدمار والدموية في أوكرانيا، لهذا فإنه من غير المجدي التبعية حسب الاختيار المحض لأوروبا من الدولتين بعد أزمة أوكرانيا، خاصة وأن البلدين بعيدان عن سباقات التسلح والعسكرة والاصطفاف ضمن المحاور العسكرية والأمنية، ثم الاتجاه إلى مطالب سيادة مدعّمة مثلما هو الحال بين صاحب الدين والمدين، بين القوى العالمية الكبرى والصراعات.
فالأزمة تتصاعد والسويد تتأهب عسكريا بعد تهديدات روسيا، وذلك يزيد من فرص النزاع وربما حتى اندلاع المواجهة العسكرية بين روسيا وحلف الناتو، ما قد يقود ربما لتكرار السيناريو الأوكراني، وتستقطب كل المعطيات التي تتلاءم وأفكار روسيا ضد هذه الخطوات بعد طلب الانضمام للناتو والتصدي لهم.
وكما لاحظ الجميع في كل يوم يتجدد تهديد روسيا للغرب، حتى قال عنه رئيس وكالة الفضاء الروسية إن بلاده سيكون لديها عما قريب 50 صاروخًا نوويا جديدًا، في ترسانة تستطيع تحويل كافة الأعداء إلى «حفر نشطة إشعاعيا»، بحسب تعبيره، وأن العشرات من صواريخ «سرمات 2» الجديدة سيجري نشرها بحلول الخريف المقبل من أجل «ردع أعداء روسيا». ومن ثم وضعهم على المحك لاستخلاص النتائج مبكراً، فهل هو الاعتقاد باقتراب النهاية السريعة للحرب.
كما حثت التشريعات والنفوذ السياسي على النضال من أجل الإمبراطورية، فهل تتحرك روسيا عسكريا ضد فنلندا؟ عبر الجبهة الفنلندية التي تمتد حدودها مع روسيا على مدى أكثر من 1330 كيلومترا، ما يجعلها جبهة واسعة وقابلة للاشتعال في أي لحظة، بعدما اعتزمت فنلندا التقدم رسميا بطلب الانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو ما قاد لترحيب أطلسي عبر عنه الأمين لحلف الناتو، ينس ستولتنبرج، وقابله تحذير روسي شديد اللهجة عبر الكرملين ووزارة الخارجية الروسية التي ذهبت لحد الإشارة لاتخاذ روسيا خطوات عسكرية ردا على ذلك.
وما إن بدأ طرح الانضمام للقتال حتى رُسمت خرائط المعركة على نطاق واسع باعتباره إجراء يسبق الحرب بالشراسة والاضطراب، وعلى غير المتوقع الإقدام الفنلندي على هذه الخطوة الذي سيشجع دولا أوروبية أخرى مثل السويد على حسم موقفها، والتقدم بطلب مماثل من أجل الانضمام لحلف الناتو، لم يكن هناك على ما يبدو مصطلح معين معتاد لوصفهم به في هذا التاريخ.
وكانت هذه التغييرات التي طرأت على العالم بهذا الزخم الهائل من الترسانة العسكرية والنووية والأساطيل البحرية، تمثل ضرورة حتمية، وبنود منصوص عليها الدخول في معارك عواقبها وخيمة وكارثية، وأوامر تفضي إلى ضرورة التقرب من خطوط العدو ومباغتتها.
على الرغم من أن روسيا بدأت تقلص حجم أهدافها، حيث ثمة افتراض بأن قائمة الأوامر والتعليمات القتالية محدودة النطاق كما قيمها الغرب وأضعف مما تخيلوا واعتبروا جيش روسيا من جيوش العالم الثالث، لأن ملامح الحرب غير واضحة ولم تحسم أهدافها، فالغرب اليوم يحارب روسيا بالوكالة وبتمويل مالي ولوجستي ضخم وأسلحة نوعية، وتتفوق أوروبا بإدارة وتخطيط أمنها واستقرارها وتعزيز قواتها وانفاقها العسكري الكبير الذي يعد الأضخم.