بعد أكثر من عامين، انقلبت الحياة بسحر كوفيد19، وغزو روسيا للجارة الأوكرانية، لتُغير كافة مناشط الحياة الدولية، بعيدةً عن الأثرياء والأقوياء ممن يتجالسون بدافوس سويسرا الثلوج البيضاء لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي، فوضع الحرب في أوكرانيا، والتضخم المستعر، وشبح المجاعة العالمية وانهيار الأمن الغذائي، والتغيرات المناخية وعدم اللامساواة بين عوالم الفقراء وأغنياء دافوس في مقدّمة أولويات مناقشاته التي لم ولن تنتهي لتُسفر عن حل قاطع.. فقط تراهم يتشدقون بإطلاق مفاوضات سلام أو إعلان خريطة طريق اقتصادية جديدة، دون تقديم حلول مدروسة، حيث قال جيفري سونينفيلد، أستاذ الإدارة بجامعة ييل، والذي يتحدث بانتظام مع العديد من المديرين التنفيذيين المعروفين: «دافوس مثال لأحد أكبر التحديات التي يواجهها المجتمع في الوقت الحالي، النخب التي تهنئ نفسها»، إذًا الكلام مؤكد ويُنافي هدف المؤتمر، جمع الأشخاص المهمين معًا لمعالجة القضايا الملحة كالأمن الغذائي وعدم المساواة وتغير المناخ ومستقبل التكنولوجيا والصراع الجيوسياسي.. وغير ذلك.. فما المنطق من اجتماعاتهم، في حين أن هناك دولاً تتقدم وتوجههم فالمملكة كانت قائدتهم في G20، رغم الجائحة التي أغلقت الحدود وأفلست دولاً وأظهرت كلًا على حقيقته، وقدمت حينها مخططات وأوراق عمل مدروسة شهد لها العالم الاقتصادي، وها هي تُشارك مُجتمع الأعمال الخطط والإجراءات لضمان استمرارية قنوات المعلومات، ليرى العالم أنها قدمت نموذجاً عالمياً لقيادة مسؤولة يمكنُها أن تُدير دفة الاقتصاد بتحول مستدام الرؤية يعتمد أولًا وأخيرًا على الإنسان، خاصة الاستثمار في إمكانات الشباب الذين تعتبرهم القيادة الحكيمة «رأس مالنا الأول»، وذلك تحقيقًا لأهداف «رؤية 2030» في تنويع الاقتصاد، وفصل النمو على الإنفاق العام.
لقد قاد الوطن رؤية طموحة عبّر عنها الاستثمار المتنوع بالمشاريع العملاقة التي وضعت المملكة في خارطة العالم بالتقدم نحو قطاعات تعتمد على المعرفة، والارتقاء بقدرات وكفاءات القوى العاملة والكوادر الوطنية، وتمكين المرأة التي أصبحت تشارك في سوق العمل بمعدل 36 %، علماً بأن 60 في المائة من الشعب السعودي لم يتجاوز الـ30 عامًا، وهم يمثلون إمكانات غير مستغلة. وهذه فرصتنا للاستثمار بشكل أكبر في شبابنا الواعد وصولًا للهدف الأسمى بأن تصبح السعودية وجهة سياحية رائدة ومنطقة إقليمية للشركات الكُبرى، وهو ما جعل هناك ترحيبًا دوليًّا، مُشيدين بالإصلاحات التي تشهدها المملكة. حيث نوه «برنده» رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي أن المنظمة، التي تتخذ من جنيف مقرًّا لها، تدرس إمكانية عقد القمة الإقليمية لـ»الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، إذا ما عادت لتنعقد، في الرياض.