سليم السوطاني
يقفزُ سؤال فلسفي أمامك، كلما تأمَّلت ذاتك ونظرتَ إلى نفسِك من داخلك، وهو: «من أنا»؟
تفكُّرُ عميقاً في تصرفاتك ورغباتك وتناقضاتك، فتجد نفسك أمام شخص تجهله، ويبدو غريباً عنك.
كم تتمنَّى أن تقفز إلى خارج كينونتك وترى هذا الشخص الغريب من الخارج في نظرة محايدة، وترى كيف تبدو عليه حاله، وكيف سيكون رضاك عن الذات التي أمامك؟
والإجابة على هذا السؤال القصير ليست بالسهلة، وإنما تحتاج إلى سنين تبحث خلالها عن ذاتك، وجنونٌ يقودك إلى معرفة هذه الذات التي تحرِّكنا وقت ما تشاء ونمضي في الحياة ونختار رغباتنا من خلالها.
ربما كان من يهتم كثيراً بالإجابة على هذا السؤال، ويفكُّر بجديّة في العمل على البحثِ والتأمّل حتى يجد إجابة ملهمة تشبع فضوله، يبدو أمام الآخرين، ممن هم في دعة من هذا التفكير، أشبه بالمجنون، وسيكون حديثه بالنسبة إليهم غريباً لا يُفهم مغزاه، وكأنه أحجية ورموز معقدة يصعب فكَّ شفرتها.
ولن يصل المرء إلى الإجابة على هذا السؤال العميق بسهولة، وربما يدهك الزمن عوده ويحدودب ظهره وهو لا يزال يتساءل بِكُلِّ حيرته: «من أنا»؟
فليس بالأمر الهيِّن أن يدرك الإنسان ذاته ووجوده، وربما يكون التفكير في الإجابة على هذا السؤال ومحاولة الإجابة أمراً آخر من كسب بعض المعرفة بطبيعة الذات، وقليلٍ من التفلسف، والخروج ببعض الفوائد في محاولة تعلُّم طرح الأسئلة التي تهز إدراك الفرد، وتجعله يبحث عن معرفة أسرار تختبئ عميقاً داخل الوجود، ويبدأ التنقيب عن كنوز المعرفة التي تحتاج إلى التأمّل العميق وطرح الأسئلة المحرضة على التفكير، وسبر أغواره النفس، وإعادة صياغة الأسئلة حتى يستطيع الإنسان أن يؤمن بذاته وقدرتها على التبصّر وإشعال قنديل الفكر، ليعرف من هو، ويستطيع أن يتعامل مع رغباته ونزواته وتناقضاته بتوازن ذاتي يجعله يمضي في طريق يشع بالنور والضياء.