رمضان جريدي العنزي
الإنسان الحقيقي ليس في طوله وعرضه وهيئته وشكله ولونه ووزنه وماله وجاهه وغناه، ولا بآنية أكله وشربه، ولا في لبسه ومركبه وحديقته وقصره وعطره وبشته و(هياطه) وتلونه وغشه وخداعه وازدواجيته وقناعه، بل الإنسان الحقيقي بعمله وعلمه وعطائه وموقفه وتواضعه وبشاشته وترفعه وتنزهه عن الموبقات والزلل والخطايا والدنايا، إن الإنسان الحقيقي الصحيح والسوي هو الذي يملك العقل الحكيم، والقلب السليم، والعاطفة الرحيمة، والخلق الحسن، والسلوك المتزن، والعلاقات الوطيدة، والمعاملة الواضحة، لا يرفث ولا يفسق، لا يهمز ولا يلمز، لا يحقد ولا يحسد، لا يمن ولا يستكثر، لا يكذب ولا يفتري، ولا يدعي ما ليس فيه، ولا يسعى بين الناس بالنميمة، يحق الحق، ويبطل الباطل، إن الإنسان الحق هو الذي يعرف بأن الدنيا لا محالة فانية، وظلها زائل، ومتاعها قليل، والعمر فيها حتما سينتهي، وأن الإنسان مهما طال عمره سيدفن في حفرة صغيرة حقيرة، وسيهال عليه التراب بعد أن كان يستنكف منه، مهما كانت مكانته ومركزه ومنصبه ومدخراته وأرصدته ومسمياته وألقابه، إن الإنسان العاقل الواعي المدرك هو من يعرف هذه الحقائق الواضحة والجلية، يفكر فيها بتمعن وتدبر ثم يستقيم ويتزن، بعيداً عن الاستعلاء والتكبر والغطرسة والتعالي، إن الإنسان الحقيقي لا تهزمه الأنانية الضيقة المفرطة، والمصالح الشخصية الآنية، بل يجب أن يكون صالحاً في أعماله، وصادقاً في أقواله، مستقيماً في علاقاته الاجتماعية، محسناً للناس، إن الإنسان الحقيقي مثل شجرة يانعة يستظل بها المتعبين، لقد نادى الإسلام بأن يكون الإنسان المسلم ورعاً وتقياً، أبيض ونقياً، سمحاً ومتواضعاً، ظاهره مثل سريرته، وأن يتفاعل الإنسان مع الناس ويتعايش معهم، ويشغل نفسه بهمومهم وقضاياهم، يأنس لفرحهم، ويغتم لألمهم، ويشاركهم الأشياء كلها بلا زيف ولا نفاق ولا رياء ولا كذب ولا خداع.