صبار عابر العنزي
العامية هي اللغة المستخدمة بين عُموم شعب دولة ما، وعادةً تتكون من مزيج من اللغة العربية الفصحى وعددٍ من اللغات الأجنبية التي ترتبط حضارتها مع حضارة هذه المنطقة أو الدولة، وهي لغة دارجة تستخدم ككلمات وتعابير غير رسمية التي لا تعد فصيحة في لغة أو لهجة المتحدث، ولكن تعد مقبولة في بعض الأوساط الاجتماعية، ويمكن التعامل مع التعبيرات العامية على أنها تسميات وربما تُستخدم كوسيلة للتواصل مع الأصدقاء وهناك جهل مطبق عند بعضهم في اعتقاده أن أكثر هذه الكلمات لا أصل لها في لغة الضاد...
يمكن أن تكون العامية إقليمية (بمعنى أن استخدامها يقتصر على منطقة محددة فقط) ولكن غالبًا ما تكون المصطلحات العامية خاصة بـ ثقافة فرعية معينة ومع ذلك، يمكن أن تنتشر التعبيرات العامية خارج نطاق المناطق الأصلية التي ظهرت فيها ليصبح استخدامها أكثر شيوعًا ...
تتميز المفردات العامية بثرائها الواضح في مجالات معينة، مثل العنف والجريمة والمخدرات ومن المزايا الثقافية التي نحملها في عصرنا الحالي عمومًا ازدواجية استعمال اللغة ذاتها بين فصيح وعامّي، فعند البحث في الكتابات القديمة تتّضح لنا أصول بعض الكلمات العامية التي غالبًا ما نجهل جذورها اللغوية، كما أنّ بعضها الآخر قد يكون فصيحًا من الأصل...
ومن الكلمات المنتشرة قولهم «الآبلة» وتعني ليست غدًا ولكن بعد الغد وقائل هذه الكلمة يحدد اليوم لمناسبته وهي على وزن الفاعلة، ومثلها القابلة.. لليلتين قادمتين، أولاهما القابلة وما بعدها الآبلة.. ويبدو أنهم غيروا للإتباع والتمييز بين الكلمتين...
فالقابلة تعني الليلة المقبلة، في قابل الأيام، يقولون «تعالوا علينا القابلة» أي في الليلة القادمة يقول الكاتب صالح زيادنة السباحة في بحر التراث تحتاجُ إلى صبرٍ وأناة، وإلى علمٍ ومعرفة، واستمرارٍ ومثابرة، فالموضوعات التي يمكن الغوص فيها كثيرة وشيقة، ولكن كيف يمكن أن نجمعَ أطرافها، ونلملم كل ما يتعلّق بها، حتى نكوّن منها مادةً مترابطة متراصة تجمعها وحدة الموضوع والمعنى، فهذا هو ما يحتاج منا إلى الصبر والمثابرة معًا..
وقد جمع في بحث له بعض المصطلحات والجمل التي تتعلّق بالوقت والزمن، سواء كان ذلك ماضيًا أو حاضرًا أو مستقبلاً...
أخيرًا.. فضل الله اللغة العربية على سائر اللغات باعتبارها لغة القرآن الكريم، فمن الواجب الحفاظ عليها وتعلمها وتعليمها، لأنها ترفع الإنسان إلى أعلى الدرجات، إلا أننا نجد أمام هذه اللغة، لهجة ثانية تزاحمها في الشارع والبيت، وحتى داخل المؤسسات التعليمية، وهي ما يطلق عليها اللهجة العامية...
وتعد العامية الجانب المتطور للغة، الذي يشمل البعد عن اللغة الأم ويستخدمه أفراد المجتمع وطبقاته المختلفة في الاستعمال اليومي، فهذه العامية سيطرت على العربية الفصحى وأخذت مكانتها، وهذا من أجل تسهيل عملية الاتصال والتواصل اليومي بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى أنها دخلت إلى المؤسسات التعليمية، حيث نجد التلاميذ يتحدثون بها داخل الصف...
وجاءت كلمة العامية في معجم العين للخليل «العُميةُ: الضًلالة، وفي لغة عمية، والاعتماءُ الاختيار، والمعامي: الأرض المجهولة، ويشير إلى ذلك الفيومي بقوله: «عمًى: فقد بصره فهو أعمى، وعمي الخبر: خفي، والمرأة عمياءُ والجمع ( عُمي)، والعمى للقلب، أي عدم الاهتداء، فهو (عم) وأعمى القلب...
ولاشك في أن معظم الألفاظ في العامية إما عربية فصيحة، وإما محرفة تحريفًا قليلاً، أو ألفاظ من بقايا اللهجات، أو اللغات الأخرى التي تغلبت عليها اللغة العربية، وبذلك من اليسير تصحيحها وردها إلى أصلها الفصيح, إذا عطينا لغتنا الاهتمام وتضافرت جهود وسائل الإعلام ودور التربية والتعليم...