رمضان جريدي العنزي
(هبش) الرجل في حديثه أي بالغ في كلامه بفوضى ومن دون تحضير، ومن غير استعداد، ولا انتقاء جمل ومفردات نافعة ومفيدة، ومن غير تسلسل حديث، وترابط المعاني، إن (الهبش) يكون جدا سيئا إذا كان في مناسبة اجتماعية فيها من كل (هب ودب)، وكذا (صوير وعوير)، إن هذا العمل يعتبر تطفلا ولقافة، وثقلا في الدم، وسمة غير مقبولة لدى كثير من الناس، إن من دواعي هذا المقال ما وجدته من بعض الأشخاص الذين يتميزون بالهبش واللقافة في الكلام وادعاء الفهم والمعرفة والمثالية، والتدخل فيما يعنيه ولا يعنيه، وذلك لكي يتسيد المجلس، ويمتلك المنبر، ويمنح نفسه بعض البريق، الذي أصلاً لا يملكه ولا يقتنيه، إن اللقافة والهبش من أسوأ أمراض المجتمع، كونها أمراضاً نفسية خطيرة تلقي بصاحبها إلى الازدراء والتهكم والنفور من قبل الناس، إن الهبش واللقافة من السلوكيات المجانبة للعقل والحكمة والمنطق والتأني والصواب والتي يعمل بها بعض الأشخاص، وفق طريقة وتعاط وطرح يراها (الهابش والملقوف) تناسب شخصيته المهزوزة، وعندما يزيد هذا العمل، يدفع المرء لاحقا الثمن اجتماعيا باهظا حسب البيئة والمجتمع والأفراد المحيطين به، إن محاولة ادعاء المعرفة بكل شيء، والتكهن وقراءة الأشياء، ومحاولة البحث عن سلبيات الآخرين وخصوصياتهم، وترصد الأخطاء والحركات والسكنات، وتنصيب النفس مستشارا لكل شيء، يعد عملا عبثيا لا يقره عقل عاقل، إن الأشخاص الذين يتصفون بالهبش واللقافة وجودهم مزعج ومنفر ويثير التوتر والقلق، وهم مثل الهم على القلب، وهم أعداء لأنفسهم قبل غيرهم، كان الأعمش جالساً فسأله رجل ملقوف مما عمشت عيناك؟ فقال الأعمش: من النظر إلى الثقلاء أمثالك، إن من الأدب والمروءة ترك الإنسان ما لا يعنيه، وأن لا يدس أنفه فيما لا يخصه، ويفتي في كل شيء، ويمارس دور الفاهم الخبير العارف في الأشياء كلها، إن الهبش واللقافة مرض شخصي، لكنه مرض معيب، فليت البعض ينتبه لنفسه، ويغير سلوكه، وينتهي من كثرة هرجه ومرجه، وتدخله في كل كبيرة وصغيرة، وأن يزن حديثه بدقة، ويتحلى بالعقل والحكمة، ويحافظ على هيبته ويرتقي بشخصه ومكانته.