حميد بن عوض العنزي
الحديث عن تسارع الأيام والأحداث لم يعد مجرد هواجس يتناقلها العامة، فخلال القمة العالمية تحدث قادة وخبراء أن العالم يشهد تسارعاً تتغير معه كثير من الموازين، فالعشر سنوات الماضية ومع الثورة الرقمية تعادل مائة سنة مضت وأن ماتم خلال عامين يفوق ما حدث في عشر سنوات سابقة، من حيث التطورات والتحولات المختلفة التي يعيشها العالم اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً، الرقمنة تقفز بالعالم إلى مواقع بعيدة بمراحل عن الماضي، حيث تضاعف الاقتصاد الرقمي 8 مرات في آخر عامين، ليصل إلى 4 تريليونات دولار، كما تضاعف التعليم عن بُعد 11 مرة في آخر عامين، وزادت الخدمات العلاجية والطبية عن بُعد بنسبة 154%، ليصل حجم سوق الطب عن بعد إلى 400 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
هذا التسارع المحموم الذي تقوده التقنية له إيجابيات وسلبيات كبيرة ولعل من المهم استقراء المستقبل وفق هذه المعطيات التي تشير إلى أن التقنية بمنتجاتها الهائلة قد تقود العالم ومعها تتخلق متغيرات وتختلف موازين القوى الاقتصادية والسياسية وما يتبع ذلك من تغيرات جذرية تطال مجتمعات المستقبل وما ينتج عن ذلك من انفصام بين العوالم المتقدمة والنامية.
كل دولة وكل مجتمع معني بدراسة موقعه من المستقبل، والمملكة تنبأت بهذه المتغيرات وأسهمت رؤية 2030 في بلورة المسارات التي ترتبط ببعض متغيرات المستقبل، لكن لابد من دور أكبر لمراكز البحوث لاستقراء انعكاسات المستقبل خصوصاً على النواحي الاجتماعية والأسرية وتصورات العيش والحياة بمفهوم قد يحمل كثيراً من الاختلاف عن السائد والسابق، وأن الحقبة القادمة كاسحة في التغيير على كل أنماط ومفاهيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعرفية والوظيفية.