إن التكريم في عالمنا العربي للأسف مغيّب حضوريا متواجد بقوّة بعد الممات! بل تعقد مهرجانات وملتقيات لهذا المبدع الذي قبل مدّة بين ظهرانينا حاضرا بفكره وقلمه وروحه وجسمه المتعب وكم يتمنّى كل مُكَرّمٍ بعد الممات من فراقه عن طلاّبه ومحبيه ومعجبي ما يكتب من مؤلفات تثري ساحتنا الثقافية والأدبية والفلسفية من أمنياته أن يعود لحظةً ليبصر تكريمه في ابتسامات محبيّه!
في ظني عزيزي القارئ تتفق قليلا معي في هذه المسألة بأن تكريم الأحياء مطلب من الجميع، فمشهدنا الثقافي يتسع الجميع..
المسألة الثانية:
هل هناك من معيب في تكريم المبدعين وهم أحياء من جميع شرائح المجتمع من الجنسين شبابا ومن ذوي الخِبْرة ممن أفنى عمره إخلاصا لحرفه كتابة ونشرا؟
وبحكم تتبعي لساحتنا الإعلامية وخصوصا في بعض أنديتنا الأدبية - «والتي أسأل الله من مسؤولينا الكرام أن تعود ضخّا باحتضان المبدعين الشباب وتستمر في طباعة إنتاجهم» - تقام التكريمات لكن مع الغصّة لمن يستحقّوا بلا شك ولكن قد فارقوا الحياة يرحمهم الله رحلوا وبقيت كتبهم ينهل منها الجميع، أو من تكريم خارج مناطقهم ويتناسوا من بداخلها من يحضر ويكتب ويداخل وله سيرته المحترمة وأخشى أن تكون عقدة الإعلام بنشر أسمائهم وتكرارها لها تأثير لذلك!
نعود الآن لهذا العَلَم الذي ترجم عشرات الكتب وهو علاّمة في منهجه درسا وأثرا وتأثيرا إنه الدكتور حمزة المزيني الاسم البارز في ساحتنا الثقافية، فهو تكريم مستحق وعن جدارة وإثبات، وقد أحسن مسؤولو جائزة غازي القصيبي بتكريمه، التفاتة يشكرون عليها ونشدّ على يديهم بتكريمات قادمة بإذن الله.. فمن هو الدكتور حمزة المزيني:
حمزة بن قبلان المزيني (1363هـ / 1944م) أستاذ لسانيات سعودي معاصر، وعضو في مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة من يوليو 2020م.
حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة تكساس أوستن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو أستاذ بروفيسور في جامعة الملك سعود بالرياض. والدكتور المزيني أيضا ناقد معروف، ويكتب في الصحف السعودية وأشهرها الوطن. معروف بمقالاته الرصينة في نقد المناهج ونقد مفاهيم أسلمة المعرفة، وفي نقد التيارات التقليدية. للدكتور المزيني سجال معروف في ساحتنا الثقافية، والدكتور المزيني معروف على المستوى العربي بترجمته كتب اللغوي الأمريكي الشهير نعوم تشومسكي إلى العربية.
سطر وفاصلة
لا تفرّ الحرفَ يا صديقي
فمرآتك أصدق وأنبل
من المشي متعرّجا
في طريقي
لا ترسل الآهات في جوف ليل
فكل ما حولك من عذاب وويل
لن تبلغ الصبر حتى ترسمك
الأنّات بشكل حقيقي
دعْ الحرفَ يهرول ذؤابة
هكذا مثل جنوبيّة في فجرها
تعجن بحبٍ للضيوف
بالسمن والدقيق
لا تكذب لا تهمل الغزل
ردّ على رسائلي إن استطعت
وهات كل جملك وسطورك
ولا تخف لن أكون ذابلا
في البحر الغريق
** **
- علي الزهراني (السعلي)