خالد بن حمد المالك
لم تبد ميليشيا الحوثي أي مرونة أو استعداد لتنفيذ التزاماتها المترتبة على الهدنة، وما زالت تماطل، وتستفيد من الهدنة في بناء ترسانة من الأسلحة التي تهرب لها من إيران، وتمنع على سبيل المثال وليس الحصر فك الحصار عن تعز، وفتح الطرق، رغم أن الحكومة اليمنية التزمت بكل الاستحقاقات المترتبة عليها، بدءًا من فتح مطار صنعاء للطيران إلى غير ذلك.
* *
ومع أن المبعوث الدولي، ومثله المبعوث الأمريكي، ومعهما دول العالم ناشدوا الحوثيين بالاستفادة من فرصة الهدنة في البناء عليها لخلق أجواء تصالحية تنهي سبع سنوات من الحرب التي لا طائل منها، إلا أن القرار - على ما يبدو - بيد إيران، وأن الحوثي لا يستطيع أن يتصرف دون موافقة طهران.
* *
نعم، لإيران مصلحة في استمرار الحرب، وإشغال دول الجوار بها، وخلق نوع من عدم الاستقرار في المنطقة، ومحاولة جرها نحو توسيع رقعة الحرب، بما يلبي مصالح إيران، ويسمح لها بمزيد من التدخل في شؤون دول الخليج العربية، اعتمادًا على وكلائها في بعض دول المنطقة.
* *
وهناك من يرى أنه من العبث توقع الوصول إلى تسويات مع الحوثيين، وبناء علاقات أخوية يكون فيها الصوت العالي للاحرار من اليمنيين، بعيدًا عن التدخل الإيراني، لأن ما أظهروه خلال شهور الهدنة لم يكن فيه ما يشجع على التفاؤل بأن اليمن أصبح قاب قوسين أو أدنى لإيقاف آلة الحرب، والتوجه نحو بناء الدولة اليمنية سيدة نفسها، لا كما هي اليوم.
* *
وفي تصوري أنه لا ينفع مع هذه الميليشيا التي تجند الأطفال، وتلزم المواطنين بالتشيع، وتغير المقررات والمناهج الدراسية بما ينسجم مع فساد عقائدها، وترفض الجلوس على طاولة الحوار، وتقتل وتسجن كل معارض لسياساتها، إلا مواجهتها عسكريًا بما يقضي على كل مخطط لها.
* *
قد تطول الحرب إذا لم يكن الجيش اليمني الوطني في كامل جاهزيته واستعداده، وإقدامه لحسم معاركه مع الحوثيين، لكن اليمن يستحق التضحيات، وحقه من أبنائه أن يحموه، مهما كلفهم ذلك من ثمن، أو أريقت من أجله الدماء، وفقدت الأرواح.
* *
ما بعد الهدنة، لابد من التصميم، والإرادة، ومواجهة التحديات، والأخذ بالخيار الذي يحرر اليمن من سجانيه وأسره، ويفك قيده من المتآمرين عليه، وإن كان ثمن تحقيق ذلك كبيرًا، إلا أنه أمانة في عنق كل يمني شريف، ومسؤولية لا عذر لأحد عند التخلي عنها، وهي أولاً وأخيرًا خيار أجبر اليمنيون الشرفاء عليه.