زكية إبراهيم الحجي
لا شك بأن المقارنات التاريخية هي من الأدوات الجيدة لتوضيح الخيارات والسياقات وحتى المعضلات والخلافات.. لكن الكثير من المقارنات قد تؤدي إلى نتائج عكسية فتتغلب الخلافات على أوجه التشابه وتزداد حدتها كلما زاد الشك حول النوايا ومع مرور الوقت وتفاقم الخلافات تبرز ملامح الصراع والتنافس لكن ليس بالضرورة أن تنشب مواجهات عسكرية مباشرة بل مواجهة خلف الكواليس وذلك ما اصطُلِح على تسميته بالحرب الباردة.
كان تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 م إشارة لانتهاء الحرب الباردة ما بين أمريكا والاتحاد السوفيتي لتبقى أمريكا عالمياً هي الدولة الأكثر تطوراً وامتلاكاً للقوة في كل مفاصلها سياسياً اقتصادياً وعسكرياً الأمر الذي أدى إلى تفرد الولايات المتحدة الأمريكية في النظام العالمي بعد فترة انتهاء القطبية الثنائية وتفكك الاتحاد السوفيتي ليسيطر مفهوم «الامبراطورية الأمريكية.. لكن هذا المفهوم لم يدم طويلاً فكانت المحصلة النهائية هي تراجع المكانة الأمريكية نتيجة زعزعة الثقة فيها وبزوغ دول أخرى تتنافس على المكانة الدولية خاصة بعد فشلها الذريع في العراق. وأفغانستان.. فمع مطلع القرن الحادي والعشرين ظهرت تحولات في ميزان القوى الدولية وبرزت توجهات لعالم متعدد الأقطاب فكانت الصين هي القوة الصاعدة للهيمنة على المسرح الدولي.
استيقظ التنين الصيني.. وأصبح الصراع الدولي يتمثل في بناء تحالفات وكل تحالف يُجابه الآخر من حيث الدوافع السياسية والاقتصادية والتكنولوجية وبدأت الصين تتمدد خارجياً نظراً لتطورها وتقدمها الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري وخلال سنوات تحولت الصين إلى قوة ضاربة في جميع المجالات مما اعتُبر ذلك بمثابة التهديد العميق لمصالح أمريكا الاستراتيجية وإذا ما نظرنا إلى العلاقات بين الصين وأمريكا سنجد أنها علاقات في غاية التعقيد وتتراوح ما بين شد وجذب فخطوط التواصل بينهما لم تنقطع لكن بالمقابل فإن فتيل الحرب قد يشتعل بينهما في أي لحظة.. وليس بالضرورة أن تكون حرب مواجهة إنما حرب خلف الكواليس.. الصين دولة لا يُستهان بقوتها العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية هي منافس شرس للولايات المتحدة الأمريكية وتسعى لأن تكون الرقم (واحد) في العالم بمعنى أن تكون القطب الأحادي في حين ترفض الولايات المتحدة الأمريكية صعود الصين كقوة كبرى منافسة لها وفي ذات الوقت لا ترغب في انهيار الصين إذن كيف ستتعامل أمريكا مع الصين كونها المنافس الأول في النظام العالمي وهل سيشهد النظام العالمي ثنائية قطبية أمريكية صينية؟