صلاح بن عبدالعزيز الحسن
إن إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد الإداري والمالي جاءت لضمان العدالة التنظيمية وتهيئة بيئة إدارية إيجابية فاعلة.. تعمل بشغف وحب وإخلاص ومروءة وإنصاف..
وقد ركّزت العديد من الأبحاث والدراسات الحديثة على استعراض سلوك الأفراد داخل المنظمات باعتباره مسألة جوهرية في علم السلوك التنظيمي؛ واعتبرت العدالة التنظيمية من أهم النظريات في دراسة سلوك الفرد في الجهاز الإداري ..نظراً لكونها تشكّل بعداً هاماً لدافعية الفرد نحو الإنجاز والشعور بالرضا والاستقرار نحو تحقيق أهداف الجهاز بجودة وفعالية ميدانياً لا تنظيراً، وهو ما ركزت تجاهه مستهدفات رؤية المملكة 2030».
ويعتبر مفهوم العدالة التنظيمية في الأساس، الجانب الاجتماعي أو ما يُعرف بالمقارنة الاجتماعية؛ حيث يقارن الفرد ما يحدث له في المنظمة بالآخرين من زملائه؛ فإذا شعر بتساوي معدل المدخلات والمخرجات مع غيره فهذا سيدفعه لزيادة الإتقان ويشكل له حافزاً في العمل؛ بينما يحدث العكس في حال الشعور بعدم المساواة؛ مما يترك أثراً سلبياً على العمل ويولد شعوراً باللامبالاة والإحباط وفقدان الشغف والحماس...،
فالمدرسة العالمية اتخذت من العدالة والمساواة مبدأً من مبادئها؛ حيث ركزت المدرسة السلوكية وأكدت على مبدأ التوازن ودعت إلى التبادل العادل بين الفرد والجهاز؛ فبمجرد غياب شعور الإحساس بالعدالة يكون مدعاة إلى قيام الصراع السلبي في المنشأة ؛ مما يؤثر على التنمية المستدامة، ويزيد من انتشار الفساد المالي والإداري، وهذا ما يحدث غالباً..،ويعزز خطر تنامي الشللية والمحاباة أو ما يسمى (اللوبيات الوظيفية)!!، بتصرف من (أستاذ القانون العام بمعهد الإدارة، والمحكم الدولي المعتمد، الدكتور محمد بن أحمد المقصودي).
فيتم محاربة ونبذ المتميز ذي الرؤية الواضحة والأفكار النيرة والكاريزما القوية في الإدارة والتجني على المبدع لدى الإدارة العليا وأصحاب القرار... وتحريف مايقول وتأويله بشكل سلبي يخالف مقصود قائله..فبيئة العمل المضطربة يحصل فيها التنافس والتضاد والتنافر والصراع على المناصب والإدارات والمميزات.. ، فيجد ذلك المبدع الإبعاد والتهميش عن المنصب القيادي والمشهد الإداري بشكل عام..! وهذا المشهد وإن كان قاسياً سيئاً فهو موجود ولا يمكن إغفاله والتغاضي عنه... ويطلق عليه اصطلاحاً (عش الدبابير) ،بل يجب معالجته و تنمية روح التعاون والتكامل والعمل الجماعي الإيجابي المتسق لأفراد المنظومة..
وهناك حقيقة قد تصدم الكثير فبحسب الإحصائيات المبنية على استبانة جالوب لملايين الموظفين في أمريكا، يعتبر العامل الأهم لإنتاجية الموظف وولائه الوظيفي ليس الراتب ولا المزايا ولا بيئة العمل، وإنما في جودة العلاقة بين الموظف ورئيسه! بين الموظفين والإدارة!؟
(م/ فارس الحقباني).
كثير من الموظفين لا تنقصه المهارة والتدريب، ولكن تنقصه بيئة العمل المحفزة والثقه والدعم من رؤسائه..
وزيادة البعد التدريبي،
وقد قسم كلٌّ من هيرسي وبلانشارد الموظفين إلى أربعة:
1- كفاءة ومتحمس (يُمكّن)
2- كفاءة ومحبط (يُشجّع)
3- غير كفء ومتحمس ( يوجّهَ) ويُدرب
4- غير كفء وغير متحمس ( يدرب ويوجه )
و نشاهد أن صنفاً أو صنفين فقط يحتاج للتدريب والباقي لا.(محمد المضيان،مهتم بالتدريب والتنمية البشرية).
ويقول المستشار د/ محمد النغيمشي: إنه كلما ارتقى الإنسان بالهيكل الإداري(التنظيمي) زاد شعوره بالوحدة..لابتعاده عن قاعدة الهيكل والتي تمثل الشريحة الأكبر في الجهاز التنظيمي وبيئة العمل…
فاعمل بإخلاص وجد وتعلم من أخطائك وإن فشلت مرة وأخرى فقد تكون فرصتك لم تحن بعد...
وإياك أن تستسلم فالنجاح والفلاح حليف الصابرين..
يقول الله عز وجل: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ ، وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ .. فالعمل أمر مندوح وحثنا عليه الله عز وجل إذ يقول في محكم التنزيل:
وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
«… اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ».
وأشكر الله على كل حال..
جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرِ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ»
وأعلم أن الناجح من يعمل بتوازن ويطلب خيري الدنيا والآخرة ويجد ويصبر ويخلص النية لله، فما عند الله يبقى ويدوم وتستقيم حياة الناجحين فيه.. فاشحذ الهمة وثابر ولا تنتظر الفرصة بل حاول وجد واجتهد..
واستمر في العمل والعطاء والإيجابية في كل حياتك... واملأ صحيفتك بطيب الفعل وبما يشفع لك حين لاينفع مالٌ ولا بنون..
وستجد نفسك حيث أردت أن تكون...
وفق الله الجميع لخيري الدنيا والآخرة...