د. إبراهيم بن جلال فضلون
هي إرادة أخوية قبل أن تكون سياسية، تتناسب مع ثقل الدولتين السياسي العربي والدولي، فهما من الدول السبع المؤسسة لجامعة الدول العربية في العام 1945، وكونهما -السعودية ومصر- قلبا العرب ومفتاحا العالم لكل القضايا بجانب أشقائهم العرب وخصوصًا الإمارات، ودعمهم الكبير للدفاع عن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الإقليمية والدولية والتعاون الثنائي وتعميق التواصل بتوقيع عددٍ من الاتفاقيات في مجال الاستثمار والطاقة.
إن التاريخ أثبت أهمية الدور والتنسيق السعودي - المصري وأثره الكبير في التصدي لما واجهته الأمة العربية خلال العقود الماضية من أزمات شكّلت تحديًا وخطرًا على الأمن العربي واستقرار دولها، تحت مظلة تجمع العرب، لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، نظرًا لمكانتهما العالية وموقعهما الجغرافي الذي يتمتعان به، مما عزَّزَ من ثقلهما عربيًا وإسلاميًا ودوليًا.
لقد بُنِيَت هذه العلاقات على أسس صلبة منذ أول لقاء تاريخي جمع الملك عبد العزيز، بالملك فاروق ملك مصر - رحمهما الله - عام 1945 واضعين عبره حجر الأساس لعلاقة قوية وإستراتيجية، تزدادُ متانةً وصلابةً عامًا بعد عام، وصولاً إلى عهدنا الحاضر؛ لترتسم طريق المستقبل بزيارات تُعمق ذلك الود الزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة والمسؤولين؛ لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والاستخباراتية التي تهمهما، إلى زيارات رئاسية آخرها زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لوطنه مصر حاليًا بجولة إقليمية، تضم كلاً من مصر والأردن، قبل أن يتوجه إلى تركيا قبل 3 أسابيع من قمة إقليمية في جدة يحضرها الرئيس الأمريكي.
وليس الأمر سياسيًا بل واقتصاديًا بعلاقات تُجارية مُتنامية، في تنويع القاعدة الاقتصادية، وخفض البطالة، وكذلك تحسين ميزان المدفوعات، كونها مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة، حيث بلغ حجم التجارة بينهما خلال السنوات الست الماضية (2016 - 2021م) 179 مليار ريال (47.7 مليار دولار)، مع ارتفاع حجم صادرات الرياض غير النفطية إلى القاهرة 6.9 % خلال 2021 مُسجلاً 7.2 مليارات ريال (1.9 مليار دولار).
وللقطاع الخاص مكانته الاستثمارية في أسواق البلدين بمقومات وفرص تتلاقى بأهدافهما، إذ توجد 6285 شركة سعودية في مصر باستثمارات تفوق 30 مليار دولار، وبالمقابل توجد 274 علامة تجارية مصرية، وأكثر من 574 شركة مصرية في الأسواق السعودية، وأخيرًا، وجد 1035 شركة مصرية فرصًا واعدة للاستثمار بالسوق السعودية، وتبلغ قيمة رأس مال الشركات التي يملكُها أو يشاركُ في ملكيتها مستثمرون مصريون بالمملكة 4.4 مليارات ريال، يتركَّز أغلبها في قطاعات الصناعات التحويلية، والتشييد.
ويُدعم الصندوق السعودي للتنمية، إسهاماته البالغة 8846.61 مليون ريال لـ 32 مشروعًا في قطاعات حيوية لتطويرها وتمويلها، شملت إنشاء طرق، وتوسعة محطات الكهرباء، وتحلية ومعالجة المياه، وإنشاء مستشفيات وتجمعات سكنية، أما الصندوق الصناعي السعودي فقد دعم ومول 17 مشروعًا مشتركًا مع مصر، بقيمة تزيد على 393 مليون ريال، ويوجد 27 مصنعًا باستثمارات مصرية في المدن الصناعية السعودية، وتتطلَّع المملكة إلى توطيد التعاون والشراكة في المشروعات الحيوية بمجالات الاتصالات وتقنية المعلومات، من خلال بناء القدرات البشرية والرقمية، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، والذكاء الاصطناعي، وكذلك التعاون في مجالات التوعية الرقمية والتحوّل الرقمي، والكابلات البحرية للاتصالات. إنها كما أعلن الرجل العملي تحقيقًا لرؤية وطنه الطموح السفير (أسامة النقلي)، شراكة إستراتيجية وصلت بعلاقات تشهد طفرة غير مسبوقة في جميع المجالات والمستويات وقد اختصرها في كلمتين لقاءات (خير وبركة)، تخرج بنتائج مثمرة وبنّاءة للبلدين الشقيقين وشعبيهما، وتخدم قضايا الأمتين العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين.