علي الصحن
هناك من بعيد...
من عالم المستحيل... وغير المتوقع
هناك كان الأمل مقطوعاً...
والرغبة في (الهاتريك) التاريخي ينازعها الشعور بالخيبة...
هناك كانت النتائج تكسر المجاديف ونزيف النقاط يكسر الخاطر والتراجع يشده تراجع آخر...
هناك حيث لم يكن الزعيم بالزعيم الذي نعرفه...
كان بطل القارة القوي يخسر ويتعادل ويتعادل ويتوكأ على عصاه حتى لا يسقط...
والكبير عود الجميع... طوال تاريخه البديع...
قد يتألم لحظات..
قد يخسر مباراة..
قد يتراجع خطوات...
لكنه لا يسقط.. لا يخسر هيبته...
ولا تستمر خيبته!!
من ذلك المكان البعيد...
وعلى مسافة (16) نقطة من مكانه المعتاد ومكانته المعروفة.. كان فريق الهلال يرتب أوراقه ويلملم أطرافه ويسعى لطي المسافات حتى يصل قبل أن تطوى صحف المنافسة ويذهب لقبه إلى غيره..
هناك كان الهلالي يراقب بحذر وغيره يحاول التقليل بشغف فهي فرصة نادرة فمتى سيكون الهلال في المركز الخامس من جديد؟
الهلال والهلاليون...
عادوا من كأس العالم ليكتبوا قصة أقوى (ريمونتادا) في تاريخ الدوري...
عادوا وكان التغيير بسيطاً جداً وهو ما نادى به الغالبية... (مدرب مكان مدرب)...
في منتصف الطريق لم يكن كبير القارة مرشحاً للفوز باللقب...
حتى مع فوزين كبيرين على الشباب والأهلي ثم رباعية في النصر، كان الفريق خارج دائرة الترشيح، فمنافسه المباشر يفوز أيضاً والفارق ليس بالذي يسهل تجاوزه.
عند المنافسة، ليس أسوأ من أن تكون مطالباً بالفوز وانتظار نتائج الآخرين، والأمر ليس بيدك وحدك.
في لحظة ما بدا أن الفارق بتقلص والهلاليون يرون الضوء في آخر النفق، ومعها بدأت لعبة الحسابات، ولغة الممكن وغير الممكن، وفي اللحظة التي كانوا يرون أن الممكن أقرب، كان الفريق يخسر ثاني أيام العيد من الفيحاء على ملعب الأخير، وبدا أن نسبة الترشيح قد تراجعت، لكن تعثر المنافس أعاد الروح من جديد، وفي معركة كسر العظم الصعبة، وضع الهلاليون كل الآمال في يد سلمان ورفاقه.
أمام المتصدر وعلى ملعبه والأزرق لم يتعاف بعد من آثار خسارة كأس الملك، كانت المواجهة الصعبة، وكل التوقعات تذهب لمصلحة الاتحاد، وكان فوز الأخير بفارق هدفين يتوجه باللقب الغائب عنه لأكثر من عقد من الزمان.
لم يتأخر الاتحاديون عن تعزيز التوقعات فتقدموا بهدف، وكانت الفرحة الأخيرة للفريق هذا الموسم، إذ لم يـتأخر حامل الــ (17) لقباً في العودة ورسم طريق الــ (18) في قمة الــ (65) والرد على الهدف بثلاثة كانت كافية لتقليص الفارق...
بعدها فاز الهلال وخسر الاتحاد من جديد وأصبحت الصدارة بيد الهلال على مسافة جولتين من النهاية، ورغم صعوبة الموقف، والظروف والغيابات، كان الزعيم في الموعد، والضوء الذي كان في آخر النفق أصبح حقيقة وشمساً ساطعة أبهرت العالم، وأكدت أن الأزرق يفرق في كل شيء.
قلت في مقال سابق «شيء من الهلال... كثير من الجمال «.. وها هو كبير القارة يؤكد من جديد أن بعضه كاف للمنافسة وتحقيق كل الألقاب، فكيف لو أكتمل وحضر كله؟
لا يكتفي الهلال باللعب وتحقيق البطولات، بل وتقديم الدروس أيضاً، تعلموا من الهلال كيف يحقق البطولات (داخل الملعب) وكيف يحترم منافسيه أيضاً.