أ.د.عثمان بن صالح العامر
الله هو وحده عزَّ وجلَّ الخالق والكل مخلوق له سبحانه، والخلق يتفاضل، وأفضل الخلق على الإطلاق (جنس الإنسان) الذي استخلفه الله في الأرض، وأمر من في السماء وعلى رأسهم الملائكة السجود له كما هو معلوم، وحمّله الأمانة العظمى وسيسأله عنها.
- والناس أمم، والأمم وإن كانت في الأصل واحدة في الجنس فهي تتفاضل، وخيرها أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
- بل إن القرون المحمدية تتفاضل فيما بينها مع أنها تنتمي كلها لأمة واحدة (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته).
- والصحابة - قرن الرسول صلى الله عليه وسلم - يتفاضلون بين بعضهم بعضًا - كما هو معلوم - فالصديق رضي الله عنه أفضلهم على الإطلاق.
- بل إن الأنبياء والرسل ليسوا سواء فهم يتفاضلون وخيرهم أولو العزم من الرسل وأفضل الجميع على الإطلاق محمد صلى الله عليه وسلم.
- والملائكة هم كذلك يتفاضلون، وهكذا دواليك في بقية الخلق نوعًا وجنسًا وعرقًا.
- مع أن الأصل في الإسلام أنه (لا فرق لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى)، إلا أن التقوى هذه ليست على درجة واحدة فهي سلم له درجات عدة يتفاضل المتقون فيه حسب ما لديهم من مقومات أساس لهذا المطلب العزيز من الله عزَّ وجلَّ (التقوى).
- القرآن الكريم وإن كان الأصل العام فيه أنه كله قطعي الثبوت: كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، إلا أنه يتفاضل، إذ ورد فضل سور منه، بل آيات منه دون غيرها، فضلاً عن أنه فيه محكم ومتشابه، خاص وعام، مطلق ومقيد، ناسخ ومنسوخ.
- وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة سندًا ومتنًا تتفاضل كما هو معلوم ففيها المتواتر وهناك الآحاد، والصحيح (لذاته ولغيره) والحسن (لذاته ولغيره) والضعيف وهكذا.
- والأحكام الشرعية فيها الواجب والمسنون، المباح، المحرّم والمكروه، وفيها الراجح والمرجوح، كما أن هناك في الفضاء الإسلامي العام الفاضل والمفضول.
- الأشخاص في معايير النفع المتحقق لبعضهم من بعض يتفاضلون {لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا}.
- والجنس يتفاضل وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ، الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ .
- وأنت في حياتك تتفاضل سنين عمرك، أغلاها وأثمنها وأفضلها على الإطلاق سنوات الشباب.
- والسنون في عمر الأرض تتمايز وتتفاضل - كما هو معلوم - (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم).
- وأيام وليالي السنة تتفاضل فعشر ذي الحجة أفضل أيام العام، وليلة القدر أفضل الليالي كما هو معلوم، ويوم الجمعة خير أيام الأسبوع، بل الساعات في اليوم والليلة تتفاضل فقرآن الفجر مشهود، وفِي يوم الجمعة ساعة لا يُوَافِقها عَبْدٌ مُسلِمٌ، وَهُو قَائِمٌ يُصَلِّي يسأَلُ اللَّه شَيْئًا، إِلاَّ أَعْطاه إياه.
- والمكان هو كذلك يتفاضل - كما هو معلوم - فالحرم المكي الأفضل على الإطلاق ثم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وثالثهما المسجد الأقصى في فلسطين.
- وهذا التفاضل لا يتعارض ولا يناقض القول بالتكامل بين منظومة الحياة، ولا يقلِّل من شأن المفضول بحال، ولا أعلم بلدًا في العالم يولي هذه الفاضلات حقها من الاهتمام والاحتفاء كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، يظهر ذلك جليًا حين تكون عشر ذي الحجة وأيام العيد، حيث الأضاحي والنحر، وكذا الحال في ليالي رمضان، وعند المشاعر المقدسة، حيث يجتمع شرف الزمان والمكان والحال الذي تلبس به الحاج، حفظ الله هذه البلاد المباركة ووفقنا لخدمة ضيوف الرحمن وتقبل منهم حجهم ومنا خدمتهم وإلى لقاء والسلام.