د. عبدالحق عزوزي
تعتبر مجموعة السبع التي التأمت مؤخرًا في مقاطعة بافاريا بجنوب ألمانيا، مجموعة غير رسمية للدول العظمى تم إنشاؤها في سنة 1975 ، وكانت الدواعي لذلك اقتصادية قحة قبل أن تتناول مواضيع كالسلام والبيئة والإرهاب. واشتهرت هاته المجموعة في عهد الرئيس ترامب؛ ونتذكر أنه في اجتماع سنة 2018 في كندا رفض الرئيس الأمريكي توقيع البيان الختامي للقمة رغم موافقته عليها. كما أنه في سنة 2017 حدث شرخ كبير في ملف المناخ خلال أول قمة مع ترامب في صقلية ليتبع ذلك انسحاب بلده من اتفاق باريس.
وعقد أول اجتماع لمجموعة السبع في رامبويه بفرنسا في سنة 1975 بعد أول أزمة نفطية عالمية. وشاركت ست دول (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة) في أول «مجموعة الست» التي انضمت إليها كندا في سنة 1976 ضمن «مجموعة السبع». وتبنت قمة وليامسبرغ (في الولايات المتحدة الأمريكية) في سنة 1983 لأول مرة إعلاناً حول الأمن في أوروبا. وتم تبني نص الدعم لسياسة الرئيس الأمريكي رونالد ريغن حيال موسكو.
ومع تفكك الاتحاد السوفياتي تغيَّر النظام العالمي وطبيعة المجموعة لتحل روسيا ضيفاً على المجموعة سنة 1992 ولتشارك اعتباراً من سنة 1998 في قمم المجموعة التي أصبحت مجموعة الثماني.
غير أنه في سنة 2014 تم تعليق عضوية روسيا من مجموعة الثماني بعد ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية وفرض عقوبات على موسكو. وألغيت قمة مجموعة الثماني التي كانت مقررة في تلك السنة في روسيا وأصبحت مجموعة الثماني مجموعة السبع مجدداً.
وبالرجوع إلى قمة قادة دول مجموعة السبع الذين اجتمعوا منذ أيام في مقاطعة بافاريا بجنوب ألمانيا، فإن القمة خصصت جزءاً كبيراً منها للحرب في أوكرانيا، وكيف يمكن توسيع نطاق العقوبات المفروضة على روسيا؛ فيما كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال القمة أن المجموعة أطلقت برنامجاً هائلاً للاستثمارات في الدول النامية، قيمتها 600 مليار دولار وتهدف إلى الرد على المشاريع واسعة النطاق التي تمولها الصين.وجاء في تغريدة للرئيس الأمريكي جو بايدن «معاً، ستعلن مجموعة السبع حظر الذهب الروسي، المصدر الرئيسي للتصدير، ما من شأنه أن يحرم روسيا من مليارات الدولارات».
كما تسعى أمريكا إلى جمع 600 مليار دولار بحلول العام 2027 من أجل استثمارات عالمية في البنى التحتية». وأكد الرئيس الأمريكي أن هذا البرنامج يقوم على «قيم مشتركة» مثل «الشفافية» وكذلك احترام حقوق العمال والبيئة والمساواة بين الجنسين. وقال «نحن نقدم خيارات أفضل». ولم يذكر بايدن ولا القادة الآخرون الصين بالاسم، لكنهم لمحوا إليها بشكل واضح.
من جانبها، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الدول الشريكة للغرب «لديها خيار» الذهاب إلى الديمقراطيات بدلاً من بكين لتطوير شبكات الكهرباء أو البنى التحتية الطبية.
ويريد الغرب أن يتميز عن الصين التي استثمرت بكثافة في العديد من البلدان النامية، لبناء بنى تحتية عبر ما يُسمى برنامج «طرق الحرير الجديدة» أو لضمان الوصول إلى بعض المواد الخام.
ولكن رغم السياسات الردعية لمقاومة التوسع الصيني، فإن هاته الأخيرة استطاعت فهم العولمة والارتماء في قواعدها بذكاء ونجاح؛ وهي تقول لأي دولة تتعامل معها أن أي نجاح اقتصادي تحققه دولة، لا يعني ضرورة فشل الآخر أو حمله على الفشل في إطار ثنائية»صديق-عدو» وإنما في إطار «رابح-رابح» win-win؛ هذا هو سر نجاح الصين اليوم وبدأت تطعم هذا النجاح بتحالفات عسكرية لم يكن الإستراتيجيون الأمريكيون يتخيلونها يوماً من الأيام وهو ما يعقد سياسة الاحتواء الأمريكي-الغربي للتمدد الصيني في العالم ... ففي القارة الإفريقية مثلاً، لا تبني الصين طرقاً فقط ولكنها تُكون صداقات وتحالفات عسكرية، وتعتمد هناك على الاستثمار في بناء رأس المال الاجتماعي والبشري ... وتشير دراسة أجرتها «وكالة ماكنزي الأمريكية» أن أكثر من 1000 شركة صينية تعمل حالياً في إفريقيا كما أن بعض المصادر تتحدث عن 2500 شركة، 90 بالمائة منها شركات خاصة. كما لا يخفى على المتتبعين الإستراتيجيين الوجود العسكري في إفريقيا؛ فقد سبق وأن أرسلت الصين بارجتين بحريتين إلى القرن الإفريقي وبالتحديد إلى جيبوتي، حيث تملك قاعدة عسكرية ولوجيستية هناك .... فما يزيد عن 400 عسكري أضحوا يوجدون في هذه القاعدة لتأمين طرق الملاحة في القرن الإفريقي على مستوى خليج عدن والقرن الإفريقي.