عطية محمد عطية عقيلان
يتفاوت الناس في مهارات التواصل مع الآخرين، وخصوصًا مع الغرباء سواء في الأماكن العامة كالمقاهي أو الطائرات، أو في الأماكن الخاصة أثناء المناسبات والحفلات العائلية، وأسوأهم صفات هم «الملاقيف أو المتطفلين»، والذين يريدون من أول لقاء معك، معرفة معلومات خاصة عنك، مثل الدخل والأملاك وطبيعة العمل.. إلخ، ولا يتحرجون من الأسئلة وطلب المعلومات الشخصية وكأنهم هم الذين يصرفون عليك، وخلال حياتنا قد نؤدي دور «الملقوف» أو نتعرض إلى مصادفتهم والاحتكاك بهم، مع أن مسمياتهم تختلف من بلد إلى بلد فقد يطلق عليه: ملقوف، فضولي، حشري، نشبه، متطفل.. إلخ، إلا أن هناك سمات وصفات لهم تدور حول طبيعتهم الشخصية، ومنها، عدم التحرج ببدء الحديث وإعطاء الملاحظات من أول لقاء، وكذلك السؤال عن الفصل والأصل ، والسؤال عن الحالة الاجتماعية والأولاد وأعمارهم.. إلخ من أسئلة شخصية، ومن ثم التحول إلى أسئلة العمل وموقعه ومزاياه وقد يصل إلى حد السؤال عن الراتب والمزايا الإضافية، إضافة إلى أن هؤلاء الملاقيف» احذر أن تكون منهم» لديهم قدرة عجيبة على رواية القصص والحكايا والحديث عن كل موضوع دون حرج، مع ذكر كل معلومة عرفها عن هذا أو ذاك، ولا يتوانى في ذكرها ويعدها من الدعابة، وقد تكون تمس سمعة أو شرف الشخص، مثل صفة الكذاب أو البخل أو سوء الخلق أو عادة سيئة ... والتي استنتجها عنهم من خلال ممارسة التطفل والفضول على حياتهم. وبشكل عام يصادف الملاقيف مواقف وردات فعل محرجة لهم، ولكنهم واثقو الخطوة لا يهزهم إحراج أو رد مفحم أو مسبة ( وكما يقال وجوهه مغسول بمرق)، فلا رادع لثنيهم من تغيير سلوكهم ووقف تطفلهم على الآخرين، فمن الردود الجميلة أن جارية كانت تحمل طبقًا مغطى، وسألها شخص ماذا يوجد في الطبق؟ لترد عليه، ولماذا غطيناه؟، حتى لا يعرف ما فيه، وعلى الرغم من تعرضهم إلى مواقف أحيانًا محرجة ولا يحسدون عليها ،كقصة صحابنا الملقوف عندما وجد الناس متجمعين حول حادث في الطريق السريع، ويدعى أن المصاب قريبه ويريد الاطمئنان عليه، ليفاجأ أن المصدوم «حمار» !!، وكذلك قصة ملقوف، حضر عزيمة مع زميله، وكان المضيف يتحدث عن رحلته للبرازيل وانبساطه فيها، ليتدخل الملقوف ويقول إن البرازيل مشهورة بتصدير اللاعبين والرقاصات للعالم، ليجيبه المضيف، بأن والدته برازيلية، لينحرج الملقوف، ويتدارك سوء قوله ويسأله، الوالدة في أي نادٍ تلعب؟!، فالملقوف وضع نفسهفي موقف محرج، لأنه يعتقد أن الحديث والتفاعل في المجالس هو صفة إيجابية، حتى ولو كان مؤذيًا ومضرًا للآخرين، كذلك من القصص الطريفة المتداولة، أن شخصًا متطفلاً شاهد رجلاً يكثر من شرب القهوة، فاقترب منه صاحبنا الملقوف، وقال له: أراك تكثر من شرب القهوة، ؟؟ ليرد عليه: هل تعلم أن جدي عاش 90 سنة؟! فقال الملقوف: وهل كان يدمن شرب القهوة مثلك؟!، فقال له: لا، بل كان لا يتدخل في شؤون أحد، كذلك قول تشرشل( وكان بدين) لبرنارد شو، من يراك سيظن أن بلادنا تعاني بسبب مجاعة! ليرد عليه برناردشو : ومن يراك، سيدرك سبب المجاعة. لذا عزيزي القارئ لي ولك، إذا كنا نتعرض لردود ملجمة ومواقف محرجة كالسابق ذكرها، فذلك مؤشر بأننا ندخل في دائرة «الملاقيف»، والتي تستوجب أن نعيد النظر في أسئلتنا وطريقة حديثنا مع الآخرين ونوقف التدخل في اختياراتهم وحياتهم الشخصية حتى نسلم من الرد المفحم ونسمع ما لا نرغب سماعه.
خاتمة: من أقوال د. مصطفى محمود «نصفُ «الرّاحةِ» في عدمِ مُراقبةِ الآخَرين، ونصفُ «الأدبِ» في عدمِ التدخُّلِ بما لا يَعنيك، ونصفُ «الحكمةِ» في الصَّمت..».