سلمان بن محمد العُمري
كتب أحد الإخوة عن ظاهرتين وملحوظتين في شبابنا في الوقت الحاضر لم نكن نراهما في السابق أولهما تأخر سن الزواج، والأمر الآخر تأخر أداء الحج، وذكر بأن البعض يستثقل المهر وتكاليف الزواج وهي أقل من قيمة شراء سيارة فارهة يقتنيها الشاب، ونجد آخرين ممن تزوجوا وتأهلوا وأصبح لديهم بنين وبنات ويسافرون للمشرق والمغرب ولم يؤدوا فريضة الحج!!.
ونحن مقبلون على أيام الحج فلعلي أخصص حديثي عن هذا الموضوع (تأخير الحج)، ومناقشة تأخر سن الزواج في وقت لاحق، ولا يعني هذا التقليل من أهمية الحديث عن الزواج فهو أولى عند كثير من العلماء ويرون أن تقديم النفقة في الزواج على الحج أولى إذا كان يخشى المشقة والفتنة في تأخيره وهو حج الفريضة، أما حج النافلة والتطوع فبلا شك ليس بمقدم على الزواج.
والحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام وأنه لا يتم إسلام الشخص حتى يحج إذا تمت في حقه شروط الوجوب، ولا يحل لمن تمت شروط الوجوب في حقه أن يؤخر الحج، لأن أوامر الله تعالى ورسوله على الفور، ولأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فربما يفتقر، أو يمرض، أو يموت، ولا يحل للآباء والأمهات أن يمنعوا أبناءهم من الحج إذا تمت شروط الوجوب في حقهم، وكانوا مع رفقة مؤتمنين في دينهم وأخلاقهم، ولا يجوز للأبناء أن يطيعوا آباءهم أو أمهاتهم في ترك الحج مع وجوبه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، اللهم أن يذكر الآباء مبرراً شرعياً لمنعهم؛ فحينئذ يلزم الأبناء تأخير الحج إلى أن يزول هذا المبرر للتأخير، وجميع ما سبق ذكره من كلام الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-.
ويحتج بعض الشباب أن عليه دينا وأقساطا، وقد بين العلماء التفصيل في مسألة الديون؛ فالدين إذا كان حالاً فإنه مقدم على الحج لسبقه فيوفى الدين ويحج، وإذا لم يكن عنده شيء بعد وفاء الدين فينتظر حتى يغنيه الله، وإذا كان مؤجلاً نظامياً فإن كان الإنسان واثقاً من نفسه أنه إذا حل الأجل يسدده فإن الدين هنا لا يمنع وجوب الحج، سواءً أذن له الدائن أم لم يأذن وهذا يسري على من له دين لصندوق التنمية العقاري، أو بنك التسليف أو البنوك ديون منتظمة.
وإذا كان ثمة ملحظ على تأخر الشباب في أداء فريضة الحج؛ فإن هناك ملحظا لتكرار البعض الحج والعمرة، وهذا فضل عظيم لهم، ولكن حبذا لو نظر هؤلاء في فرص عظيمة تجمع لهم ثواب الحج والعمرة، وثواب الآخرة وذلك بدفع نفقة شخص لم يؤد الحج وهي فريضة، فله مثل أجره إن شاء الله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من جهز غازيًا فقد غزا»، والحج نوع من الجهاد، وإعطاء الفقير ليحج حج الفريضة أفضل من كونه يعطي الدراهم لشخص يحج عنه حج البدل والنافلة، لأنه سيأتي أجر فريضة إلى أخيه المسلم لأداء ركن من أركان الإسلام عنه، بل إن بعض العلماء أشاروا إلى مسألة أخرى في حكم إعطاء الزكاة لمن يريد الحج فقالوا: أما إذا كان الحج نفلاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة، وأما إذا كان فريضة فذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، وأن تعطيه ليحج الفريضة، فيما يرى بعض العلماء أنه لا يعطى من الزكاة لأنه ليس من أهل الزكاة المعينين بالنص، والحج بحسب الاستطاعة، وما دام معسراً فلا فريضة عليه؛ فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ليحج.
وأخيراً فإن الحج واجب وركن ولا يجوز للإنسان الذي استطاع الحج أن يؤخره، وهكذا جميع الواجبات الشرعية المقيدة بزمن أو سبب.