د. معراج أحمد معراج الندوي
ينحدر الإنسان من أعراق وأجناس وقوميات متنوعة قد يختلف في السلوك والمظهر ولكنه ينحدر من نوع واحد وهو «الإنسان». فالتنوّع ظاهرة كونية في آفاق السماء، وهو أصل أصيل في الكيان البشري، والتنوّع ثروة إنسانية ينبغي ألا تكون مصدرًا للنزاع ونبذ الآخر بل سبيلٌ إلى توسيع الأرضية المُشتركة التي يشترط تحققها الاعتراف بالآخر وتفهّم مشكلاته ومقاصده وإدراكه على قدم المساواة وعدم استهدافه بالتمييز أو التحقير أو الإلغاء.
إن اختلاف عناصر ومكونات المجتمع. والاختلاف بين البشر في الأفكار والعادات والتقاليد ليس أمرًا غريبًا، بل هو الشكل الطبيعي للحياة، ولكن الغريب حقًّا محاولة بعضهم جعل الناس كلهم يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة. لا ينسلخ الإنسان من تراثه وتاريخه، ولا يمكن لأحد أن ينسلخ من عاداته وتقاليده. ولما كانت الظروف التي يعيشها البشر وبيئاتهم ومستوى وعيهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة مختلفة، فلا بد من الطبيعي أن يكون الاختلاف في أفكارهم وآرائهم ووجهة نظرهم.
الاختلاف قاعدة كونية، يؤدي الاختلاف إلى التنوع والإبداع وخلق الجو الملائم لكل من الناس، ولا يتحقق ذلك إلا بتوفر الحرية لطرح الأفكار وإظهار الآراء. فالاختلاف في الفكر والرأي له فوائد كثيرة حيث يمكن من خلاله الاطلاع على الفكر الآخر والاستفادة منه، موضحًا أن هذا الاختلاف مصدر قوة ضرورية للتنوير التي تخلق معاني إيجابية ومؤثرة في سلامة وفائدة المصلحة العامة والإنسانية.
إن الاختلاف في الفكر والرأي مصدر قوة، له دور كبير في إثراء التنوع الثقافي في المجتمع، وأن المشكلة ليست في الاختلاف بل في طريقته وآليته وأساليبه. لو أصبح الشعب ذا نظرة وفكر واحد لما حصل الشعب على التقدم والتطور، فالاختلاف يمثل نقطة قوة في الأفكار والآراء والثقافات والجنسيات، لأن اعتراف الاختلاف يقود إلى الاصطفاف والتوحد الذي هي القوة الأكبر للتقدم والازدهار.
التنوع والاختلاف ضرورة حضارية على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأقوام والشعوب والحضارات، والأمة الإسلامية تملك رصيدًا ضخمًا من القيم الهادفة وتوجيهات الإسلام وهذه القيم كفيلة عند استثمارها أن تنمي فلسفتها الحضارية الإنسانية وتتسابق مع أمم الأرض في بناء حضارة إنسانية.
وفي إزالة الاختلاف الذي يقود إلى التوتر والصراع في نشوء الأزمات الدولية. يعد الحوار أداة محورية في عملية التواصل الإنساني بين الأمم والشعوب في بعده الفردي والجماعي. الحوار هو الوسيلة الفضلى للتعايش بين الأمم والشعوب مما يخدم مصالح البشرية على هذه الأرض ويحقق لها سبل العيش الكريم.
التنوع والاختلاف ضرورة حضارية يساعد الأمم على اكتشاف سر التقدم والتطور، والاختلاف في الأفكار والآراء والطرق والسبل هو من أهم الوسائل للوصول إلى النهضة، فالاختلاف قوة حضارية وطاقة إنسانية تُسهم في تحقيق التقدم والارتقاء.