ميسون أبو بكر
المملكة خطت في الآونة الأخيرة خطوات سريعة وحثيثة ومبهرة في مجال حقوق الإنسان والمرأة بالذات، ولا أريد أن أتحدث عنها عاطفيًّا لأنني سأفيض كما شلال اعتزازًا وبهجة، لكن ما أود أن أتطرق له اليوم قصة إحدى الفتيات التي لجأت لإحدى الدول بسبب أن أحدًا لم يساعدها للخلاص من معاناتها داخل أسرتها؛ مما جعل للجوئها آنذاك صبغة أخرى، وفي الآونة الأخيرة نشطت القصة من جديد على وسائل التواصل الاجتماعي لتظهر حقيقة الوضع وتتضح للجميع ثم لنعلم علم اليقين أهمية تطبيق القوانين الجديدة في المملكة وتبعيّاتها وآثارها.
المرشدة أو المرشد الطلابي محور مقالي اليوم، فهذا التخصص ضمن الكادر المدرسي لم يوجد عبثًا وتلك الغرفة التي يوضع عليها بالخط العريض «المرشد/ة الطلابي» هي بمثابة عيادة نفسية للطلاب، أتذكر في طفولتي لجأت إلى المرشدة الطلابية في مدرستي الجهراء لأتحدث لها عن مخاوفي على والدتي الحامل، فقبل زيارتي لها كنت أعتقد أن حمل أمي والولادة قد يحرمنا منها وقد «تموت» وبدأت أكره المولود الجاثم في أحشاء أمي ظنًّا أنه سبب مخاوفي من فقدانها، وكانت المرشدة رائعة وحكيمة وحدثتني بما طمأنني وأبعد شبحًا كان ليجعل من هذه الحالة مصدر قلق وكراهية في نفسي وقد يتطور ليصبح عقدة لديَّ.
زميلات أخريات ترددن على المرشدة وكنت أعرف معاناتهن في محيط الأسرة، وكنت أراقب من بُعد راحتهن النفسية بعد جلسات متعددة مع «الأبلة» التي كانت تلتقي أسرهن وتتحدث معهم وتسهم في حلول المشكلات.
المرشد الطلابي هو كالباحث الاجتماعي والمعالج النفسي الذي يتطلب حمل تخصص ما ليقوم بدوره إضافة إلى تميزه بشخصية محبوبة وقوية تترك أثرها لدى الطلاب، ويجب ألا نهمل دوره أبدًا.
وسام حسب قولها لم يكن للمرشدة الطلابية دور في تخفيف معاناتها والإسهام في حلول لها قبل أن تتخذ قرارها بالهروب من واقعها وألمها، وهنا ما أريد الإشارة له من دور وزارة التعليم في تفعيل دور المرشد الطلابي وتدريبه وإلحاقه بدورات متخصصة وحثيثة لتفعيل دوره الرئيسي لكي لا يكون حضوره في الذهن أنه مجرد فصل أو غرفة تحمل عبارة جامدة « المرشد الطلابي».
المدرسة هي نصف عالم الطالب والجزء المهم في يومه، والأسرة والمدرسة يتقاسمان هذا العالم وهما شريكان فيه فلا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، ولابد أن يكون التواصل بينهما ثقافة في مجتمعنا كي تخرّج المدرسة أطفالًا أصحاء نفسيًّا إضافة لتفوقهم العلمي، وكي لا تكبر مشاكل الطفل وتصبح بحاجة لأدوات أكبر للحل.