عثمان بن حمد أباالخيل
قبل جيلين تقريباً كانت الميانة تعني الكثير بين طبقات المجتمع، كان للميانة هيبة ومفهوم واضح وراسخ في أذهان الناس. كان للميانة الاحترام والتقدير لمن يتلفظ بها. كانت الميانة رفع الكلفة بين اثنين بينهما علاقة ود وتبادل احترام لكونهما صديقين أو أخوين.
قال الزمخشري: مانه يمونه: قام بكفاية أمره، وفلان يَمُون عيالَه، وهو يَمُونني ويَصُونني. ببساطة الميانة رفع التكاليف والرسميات بين الأحباب، هذا في الزمن الجميل. القول: العرب تقول: «من الألفة رفع الكلفة» ولكن رفع الكلفة يجب أن يكون لمن يعرفون قيمة الألفة والصداقة، أولئك الذين مهما كانت «الميانة» بينهم، يحفظون كل حقوقك، ويتركون مسافة بينك وبينهم، تحميهم وتحميك من الاستغلال والإيذاء.
اليوم وفي عصر التواصل الاجتماعي لم تعد للميانة مكان بين الناس إلا القليل والقليل جدًا، فالميانة ذهبت مع أدراج الرياح كما تذهب بعض عاداتنا الاجتماعية التي نعتز بها.
نحن في عصر أكبر خطأ أن تعطي الثقة من فقدها وحين يأخذها ويمون أو تمون فعليك أن تتحمل نتائجها الكارثية على اختلاف المسميات التي تحفر الفجوة عمقاً واتساعا.
للأسف هناك من يعطي الميانة التي يظن أنها في حدود التقدير والاحترام ويجب أن تكون بعيدة عن السخرية والتجريح، لكن الواقع الخصوصيات والأسرار تتسابق على وسائل التواصل الاجتماعي والسبب الميانة المطلقة.
الميانة كما يمارسها بعضهم ضرب من الفوضى والاستغلال وأحياناً تُوضع في موقف حين يقال لك: هذا من باب الميانة، أرى ذلك ليس من باب الميانة بل من باب وضع من يهمك ظاهرياً في موقف استغلال.
للأسف أقولها بحرقة الميانة بين الأم وبنتها، والأب وولده أصبحت في حدود ضيقة الى أبعد حد، أما الميانة بين الزوجين فهي خجولة جدا أصبحت بينهما خطوط حمراء وسقف للميانة.
إنّ ممارسة الميانة أصبحت مزعجة مملة فهي تقفز على الخصوصيات وتدمر ما بقي من علاقات. أخذت الميانة وجوها كثيرة في مجتمعنا هدفها المصلحة الشخصية حين تقول: أنت تمون أو أنتِ تمونين دون معرفة عواقب الميانة المطلقة، لذا تحولت الميانة إلى طريق سهل في بدايته لكنه وعر ومميت في نهايته.
من باب الميانة ارتكبت الأخطاء وتعددت صور الألم، من باب الميانة ضاعت مهابة من يعزون عليك، من باب الميانة أصبح هناك من يقلد الآخرين، من باب الميانة ترتكب الأخطاء.
الميانة في مفهومها الحالي تُعنون تحت من قال إنك تُمون. لماذا لا نقول وبوضح: لا أنت لا تمون وانتِ لا تمونين صراحة مؤلمة لكنها مريحة على الأمد البعيد.
شخصيا أرى أن الميانة توائم الثقة فلا تعطيان مطلقا في هذا الوقت الحالي إلا في حدود ضيقة أضيق من سم الخياط.
همسة: الكثيرون الذين هم في محيطك الاجتماعي يسيئون ويستغلون الميانة للتجريح أو الوصول الى أهدافهم أو قولهم من باب الميانة.