خالد بن حمد المالك
لسجن (أبو غريب) في العراق الشقيق قصصٌ دامية، وأحداث غير إنسانية، وعِبَر ودروس لا تنتهي، وتذكير الناس بأدواره التي لعبها، وممارساته التي أدمت القلوب.
* *
إنه سجن يبقى شاهدًا على الظلم والقسوة، وغياب حقوق الإنسان، ورمزًا على جور الإنسان بحق الإنسان، بحق أو دون حق، وله ما يماثله من سجون ذات سمعة سيئة، بممارساتها وظلمها وجورها، وغياب الإنسانية فيها.
* *
إن ما كان يُمارس مع السجناء عمل كريه وغير إنساني، وبعيد كل البعد عن السلوك الأخلاقي، وسيظل رسالة عار ضد كل الظَّلَمة والقَتَلة، ومن كان أو يكون له يد ومشاركة في مثل ما كان يحدث في سجن (أبو غريب) في بغداد.
* *
ومن المؤكد أن الصمت عن الجرائم التي ارتُكِبتْ داخل أسوار وزنزانات هذا السجن، أو محاولة طي أخباره والمعلومات السيئة عنه، لن تصمد أمام مشاهد الصور المتحركة التي أصبحت في مواقع ومنصات التداول، وبين أيدي الناس.
* *
ومع أنه تم تغيير اسم سجن (أبو غريب) إلى سجن (بغداد المركزي) ربما لإخفاء ما مُورِس فيه من جرائم بحق الإنسانية، وإساءات للمعاملة المريعة بحق السجناء داخله من قبل القوات الأمريكية لدى إدارتها خلال احتلالها للعراق إثر سقوط نظام صدام حسين، إلا أن فضائح (أبو غريب) لا زالت تُتَداول من خلال صور التعذيب وإذلال السجناء.
* *
على أن هذه السمعة السيئة لهذا السجن لا تُقتَصر على فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، وإنما كان لفترة حكم صدام حسين حقها في التعامل بقسوة وظلم وقهر، واستعمال أساليب التعذيب ضد السجناء بانتهاكات غير إنسانية، وإن كان لم يصلنا عنه صور مؤلمة كما هي تلك الصور التي وضحت بجلاء أساليب ما كان يتم من تعذيب ومسٍّ بكرامة السجناء، وتصويرهم مكدَّسين عراة من قِبل الجنود الأمريكيين، ضمن انتهاكات جسدية ونفسية وإساءات جنسية مشينة ووحشية.
* *
لهذا، وبعض مما لم ننشره عن تلك الفضائح التي كانت تتم خلال الاحتلال الأمريكي، وأقل منها ما كان يمارس مع السجناء في فترة حكم صدام حسين، لماذا لا يكون هناك شارع باسم سجن (أبوغريب) في المملكة، وأن يكون هذا الاسم على شارع رئيسي يؤدي إلى السفارة الأمريكية. فمثل هذا العمل - لو تم - سيكون مطابقاً مع ما تدعيه أمريكا من حرية وانفتاح على كل رأي أو قرار يتماشى مع حقوق الدول والناس.
* *
تسمية الشوارع في المملكة تعود صلاحيتها على أمانات المدن، وبلديات المحافظات، وهو شأن يخصها، ولا دخل للسياسة من قريب أو بعيد فيها، وإنما هو إجراء الهدف منه توثيق أحداث صادمة، ووضعها في صورتها الحقيقية دون زيادة أو نقصان، ومن غير مبالغة، أو توظيف يخرج عن هدف أن هناك دروسًا وعِبَر يجب أن تكون محل التداول لكي لا تتكرر، وأن تُدان بصرف النظر عن قِدَمها ومرور سنوات عليها.
* *
إن اختيار الشارع المناسب ليكون باسم سجن (أبوغريب)، ينطلق من ارتباط تاريخ هذا السجن الكريه، بما كان يتم فيه من تعذيب وفضائح خلال إدارة الولايات المتحدة له، ومسؤوليتها عن السجناء العراقيين، وقد يكون ما تمَّ، إنما هي ممارسات فردية من أفراد في الشرطة الأمريكية، أو شركات تعاقدت معها الإدارة الأمريكية، وليس بالضرورة أن يكون ذلك بتوجيه من الإدارات العليا في أمريكا، وأنا مع من طالب بشارع باسم سجن (أبو غريب) يكون امتداده نحو السفارة الأمريكية، وهو رأي يخصني، وينطلق من حرية الصحافة واحترام الرأي في وسائل إعلامنا.