د.عبدالرحمن بن علي العريني
يعد مصطلح «الأثر» من أكثر المصطلحات تكرارًا في العمل التنموي؛ نظرا لكونه الغاية الكبرى من البرامج التنموية، فإذا تم التركيز عليه واستهدافه سيؤثر على طبيعة البرامج، وأسلوب تصميمها والتخطيط لها، وتنفيذها وتقييمها.
وإذا توقفنا عند الأثر لمعرفة أهميته لابد من تحرير المصطلح لغويا فهو وفق قاموس المعجم الوسيط «ما ترك علامة في المؤثر فيه»، لذا فهو يتعدى النتائج والمخرجات، ويلامس المستفيد؛ كيف تغيرت حياته أو سلوكه أو قيمه مع هذه البرامج؟.
ويعد قياس الأثر أداة فاعلة لمساعدة صانعي السياسات على اتخاذ قرار صائب بشأن إعادة التصميم أو التوسع أو التراجع، كما قد يتضمن تصميم تدخلات مماثلة لمجتمعات أخرى، ومن دون التخطيط للأثر واستحضاره أثناء التنفيذ ثم التقييم أو القياس فإن موارد المنظمات غير الربحية ستنضب دون حل للمشكلات، وستظل المشكلات تتضخم عامًا بعد عام، ولا أدل على ذلك إلا ظاهرة الفقر عالمياً، فعلى ضخامة ما يصرف في برامج مكافحة الفقر إلا أنه لم تعالج المشكلة، بل هي في ازدياد؛ وما ذاك إلا لأن كثيرًا من البرامج عالجت مشكلة الجوع أو الحاجة في مجال محدد ولم تعالج أصل مشكلة الفقر لدى المستهدفين، بالإضافة إلى أنها صممت برامج متطابقة متماثلة للجميع، مع أن المستفيدين مختلفون بنسب متفاوتة في أسباب الفقر لديهم؛ ولم تكن البرامج متنوعة بتنوع أسباب الفقر، وهذا بدوره جعل تلك البرامج تقتصر على سد العوز والجوع لفترات قصيرة، ولم تعالج الفقر.
وقد أدركت قيادة المملكة العربية السعودية أهمية الأثر وقياسه في البرامج التنموية والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية، وتبنت رؤية المملكة 2030 هدفا يخص القطاع غير الربحي لتمكين منظماته من تحقيق أثر أعمق، وهذا جعل المسؤولية تزداد على قادة القطاع غير الربحي للاهتمام بالأثر وتعميقه.
إننا متى ما استحضرنا الأثر ابتداء من دراسة التحديات والمشكلات القائمة، إلى تصميم البرامج وتخطيطها، عروجا على التنفيذ ثم التقييم وقياس الأثر، فإننا بذلك سنكون بدأنا طريق الإنجاز الحقيقي في معالجة المشكلات والتغلب على التحديات.