أحمد المغلوث
كان والدي عبد الله رحمه الله ومن ضمن نشاطاته التي مارسها بعد تركه العمل في شركة النفط واتجاهه للعمل الحر مقاولات مختلفة ومن ضمن ذلك القيام بتأجير سيارتيه الكبيرتين. «ماك ودمنتي» لأصحاب حملات الحج في الهفوف والمبرز. وفي إحدى السنوات اصطحب الوالدة معه رحمها الله لأداء فريضة الحج. وأذكر إنني وبعض من إخوتي بعد عودتهما من الحج سالمين غانمين رحنا نمطرهما بأسئلتنا واستفساراتنا عن رحلتهما للحج والتي بدأت مبكرًا قبل دخول شهر ذي الحجة بأسبوعين.
وراح الوالد يصف لنا كيف كان الاستعداد للسفر مبكرًا وقبل عدة أسابيع من موعد المغادرة من الأحساء بل كانت الاستعدادات أيضا تحظى باهتمام أسرة من سوف يذهب للحج حيث تقوم ربة البيت بإعداد المأكولات المختلفه خاصة التي تتحمل عدة أسابيع مثل التمور والملتوت والكليجا والممروسة. هذا غير ما يوفره صاحب الحملة من احتياجات ومتطلبات الرحلة الطويلة بل والشاقة نظرًا لأن السفر في تلك الأيام فيه مشقة حيث لم تكن الطرق سهلة ويسيرة فكثير من الطرق لم تكن معبدة. كذلك يصادف أن الطريق تكون موحلة بسبب الأمطار. أو تواجههم العواصف والرمال المتحركة. ومع هذا كان لتعاون جميع الحجاج في مختلف المجالات فهناك من يقدم خدماته لمساعدة طاقم الحملة من طباخين ومساعديهم وحتى من يقوم بتجهيز الخيام لاستراحة الرجال أو النساء. كان الوقت يمضي في الدور الأول في الشاحنة والذي تتواجد فيه النساء بين ترديد الأدعية والاستماع لقراءة من تجيد قراءة القرآن الكريم, فعادة تصطحب الحملة بعض من يجدن ذلك إضافة إلى الاستماع بين فترة وأخرى للحكايا ت والقصص بعضها شعبي وشيء من التراث وحكايا متوارثة أباً عن جد.
وتحدث خلال رحلة الحج مواقف لم تكن متوقعة. حيث تحدث حالات ولادة نتيجة لكون هذه السيدة التي فاجأها المخاض لم تحسب أيام حملها بدقة أو أنها أرادت أن لا تفوت فرصة أداء الفريضة مع زوجها أو أو. عشرات التساؤلات تكون في أذهان النساء وحتى الرجال. ومع هذا استقبل المولود بفرحة كبيرة خاصة وأن لحظة الولادة كان الطقس فيها لطيفاً بعدما سارع عمال الحملة بنصب خيمة النساء أولاً لتستريح فيها أم المولود. فكانت لحظات لا تنسى حيث سارعت النساء في تقديم خدماتهن لأم الطفل والعناية بالطفل. وأما في خيمة الرجال فكل من في الحملة تحلقوا حول الأب الذي كان سعيدًا جدًا بقدوم مولوده الأول في طريق الحج.
ويضيف الوالد أن قافلة الحج كان المسؤول الأول عنها هو صاحب الحملة وبحكم خبرته ودرايته مع سائقي الشاحنتين ومساعديهما فجميعهم على دراية بالطرق الأفضل وترتيب حركة السير. وكان كل شيء مدروساً فلقد علقت «كفرات» احتياطية على جانبي صندوقي الشاحنتين وتم تخزين بطاريات إضافية داخل مخزن كل شاحنة وكان مشهد كل شاحنة وهي محملة على جانبيها بقرب الماء وحقائب وصناديق عفش كل حاج وحاجه إضافة إلى مطويات الخيام والفرش غير التي فرشت على أرضية الشاحنتين وفي كلا الدورين ومن المشاهد التي لا تنسى للقافلة جلوس البعض على المقعد الممتد من صندوق الشاحنة ليغطي غمارة القيادة حيث يتاح لهم مشاهدة الطريق بوضوح. بل كانت القافلة تختار من يتميز صوته بالجمال ليردد: الله أكبر الله أكبر. ولله الحمد. لبيك اللهم لبيك. لبيك لاشريك لك لبيك.. ويردد معه كل من في القافلة من الرجال أما النساء فهن يرددن ذلك بصوت خفيض.