عثمان بن حمد أباالخيل
التّضحِية هل لها مفاهيم وتعاريف مختلفة أم إنها تختلف لكِنها تتفق في النهاية على معنى التضحية. الجميع يتسارعون في مواقف التضحية، لكنهم يختلفون إلى أي مدى يمكن أنْ نُضحي. هل هناك من يستحق التضحية إلى أبعد مدى؟ ترى ما هي التضحية الحقيقية؟ لا يختلف اثنان إن التضحية صفة حميدة حثّ عليها الإسلام في جميع صورها بالنفس والمال والوقت. ما هي عناصر التضحية؟ المضحي، المضحى لأجله، وسبب التضحية هذه عناصر التضحية. ببساطة التضحية هي: أن يُضحي الإنسان دون مقابل من أجل الآخرين وإسعادهم وتتسم التضحية بالوفاء والإخلاص والصدق.
من صور التضحية الوالدان اللذان ضحيا بالغالي والنفيس من أجل تربيت أبنائهما، نضحي بجزء من سعادتنا من إجل إسعاد الآخرين، نضحي من أجل منْ سهر من أجلنا، نضحي لمنْ قدّمت يمينه بالخير والعطاء، نضحي لمن بذل الغالي.
قمة التضحية، التضحية من أجل الوطن وهل هناك أعز وأغلى من الوطن. الوطن سنام التضحية، شهداء الواجب قدموا أسمى صور التضحيات من أجل الوطن رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته. نحن على أبواب فصل الصيف، في هذا الفصل تكثُر حوادث أشعة الشمس رغم تحذيرات الدفاع المدني من التعرض المباشر لأشعة الشمس. التضحية في سبيل الله سمة المسلمين في كل زمان ومكان قال الله تعالى (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
التضحية بين الزوجين، التضحية بين الأبناء، التضحية من أجل الحبيب، التضحية من أجل الفقراء وما أكثر عناوين التضحيات التي بدأت تأخذ طريقاً ملتوياً غير مستقيم طغت فيه المصلحة على تقديم التضحية. لست متشائماً لكنه الواقع الذي نعيش فيه، ماذا تقدم ماذا أضحي. ما يحز في نفسي بعض صور غياب التضحية بين الزوجين حيث إن التضحية المتبادلة بين الزوجين ركن مهم من أركان السعادة الزوجية؛ ذلك لأن الحياة الزوجية بمعناها الحقيقي حياة عطاء. وسلبيات التضحية من طرف واحد كثيرة ومنها هدم أسس الحياة الزوجية وبناؤها على أرض هشة سرعان ما تنهار. التضحية العرجاء من طرف واحد ليس ضرورياً أن تلبي رغبات الجميع فالإنسان له قدرات وطاقة محدودة ولا تندم حين تعجز عن تحقيق رغبات الآخرين فهناك من يملك على تحقيق رغبات الجميع إنه الله سبحانه قال الله تعالى {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}. والتضحية ليست قاصرة على التضحيات البسيطة، لكن هناك تضحيات عظيمة يقوم بها أصحاب القلوب الكبيرة من أجل الآخرين، فهناك من يسارعون بإلقاء أنفسهم في النار لإنقاذ غريب يحاصره الحريق، أو يطرحون أنفسهم في الماء لإنقاذ غريق، ويواجهون احتمال الموت.
أخيراً التضحية سمة القلوب الحية والعقول النيرة، التضحية عنوان للإنسان الذي يحمل بين جنبيه قلباً إنسانياً: المرأة أقرب من الرجل إلى التضحية في وظائفها النوعية، لأنها تستمد تضحيتها من غرائز الأمومة، وتموت في سبيل الذرية. عباس محمود العقاد.