تأتي زيارة الرئيس الأميركي (جوزيف بايدن) للمملكة ولقائه مع مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لتؤكد متانة وعمق العلاقة الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية، وأهمية التنسيق بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة على المستوى الإقليمي والدولي، وحرص الإدارة الأميركية على تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع المملكة، وتأكيداً على دور المملكة الريادي في نشر الأمن والاستقرار في المنطقة.
وخلال هذه الزيارة سيتم عقد قمة خليجية - أميركية بحضور ومشاركة مصر والأردن والعراق، لدعم وتعزيز جهود التعاون والتنسيق المستمر بين الشركاء في ضوء التطورات الإقليمية والدولية الراهنة.
وعلينا أن نتذكر أن أسس اللقاء التاريخي بين جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت في العام 1945، لثمانين عاماً من العلاقات والشراكة الإستراتيجية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة بين المملكة والولايات المتحدة هو الذي أشاد بنيان هذه العلاقة ورسخ قيمتها، وصانها من التصدع.
وقد كان لزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- في عام 2015 والزيارتين التاريخيتين التي قام بهما صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال العامين 2016 و2018، دورًا أساسيًا في تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن، انطلاقًا مما يجمع البلدين من مصالح مشتركة في مختلف مجالات التعاون لتكون زيارة بايدن للمملكة إضافة جديدة لعمق العلاقات الثنائية.
ومن المؤكد والطبيعي أن التباين في وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية في بعض القضايا، لا يقف عائقًا أمام تطوير العلاقات الإستراتيجية بما يُسهم في تقريب وجهات النظر بين البلدين خاصة مع الالتزام من الطرفين باحترام الرأي والرأي الآخر.
وتعكس زيارة الرئيس الأميركي للمملكة نجاح سياسة المملكة الخارجية التي حدد قواعدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والتي جعلت للمملكة دوراً مهماً ومؤثراً في رسم مسار الأحداث الإقليمية والعالمية.
كما تكتسب زيارة رئيس الولايات المتحدة الأميركية إلى المملكة أهمية خاصة كونها تأتي ضمن أول زيارة له لمنطقة الشرق الأوسط وتُعقد خلالها في المملكة قمة سعودية أمريكية وقمة خليجية أمريكية بمشاركة العراق ومصر والأردن؛ وهو ما يعكس مكانة المملكة ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة وحرص قيادتي البلدين على تعزيز الشراكة الإستراتيجية بينهما.
ولا يغيب عن الأذهان أن المملكة العربية السعودية والولايات والمتحدة الأمريكية تتفقان على أهمية التصدي لسلوكيات إيران المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة والعالم، وتحييد خطر الميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران وخاصة في اليمن، حيث إن الولايات المتحدة الأميركية تؤيد جهود المملكة لإيجاد حل سياسي شامل في اليمن يضمن تحقيق أمن واستقرار اليمن وبالتالي إنهاء الانقلاب الحوثي على النظام الشرعي في اليمن.
ويسهم الدور القيادي للمملكة في العالمين العربي والإسلامي، وموقعها الإستراتيجي، في تعزيز العلاقة الثنائية مع الولايات المتحدة، والحفاظ على استقرار وأمن وازدهار منطقتي الخليج والشرق الأوسط، واستمرار التشاور حول العديد من القضايا الإقليمية والعالمية الحيوية للبلدين، ومكافحة التطرف والإرهاب من أهم أوجه الشراكة الإستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية؛ وقد أسهم التعاون الثنائي بين البلدين في هذا المجال في تحقيق العديد من المكتسبات المهمة في دحر التنظيمات الإرهابية وتحييد خطرها على أمن واستقرار المنطقة والعالم.
وفي شأن التعاون الثنائي، يعمل في المملكة (742) شركة أمريكية ويبلغ إجمالي رأس المال الأميركي المستثمر في المملكة 90.6 مليار ريال سعودي وهناك أكثر من 21034 علامة تجارية أميركية في السوق السعودي (2022)، كما يرتبط البلدان بعلاقات تجارية إستراتيجية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في العام 2021 نحو 25.069 مليون دولار، وتعد الولايات المتحدة الشريك التجاري الرابع للمملكة في حجم التجارة، والثاني في قيمة الواردات، والسادس في قيمة الصادرات، بينما تحتل المملكة المرتبة 28 كشريك تجاري لصادرات الولايات المتحدة للعالم، والمرتبة 31 كشريك تجاري لواردات الولايات المتحدة للعالم (2021).
وتتمتع المملكة والولايات المتحدة بعلاقات ثقافية وتعليمية قوية، إذ يبلغ عدد الطلاب السعوديين المبتعثين إلى الولايات المتحدة 21.035 طالباً (2022)، تم ابتعاثهم ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، الذي تجاوز عدد المبتعثين السعوديين من خلاله للدراسة في الولايات المتحدة النصف مليون طالب وطالبة منذ إطلاقه في العام 2006.
وحول انعقاد القمة الخليجية - الأمريكية المشتركة بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية فإنها تأتي تأكيدًا على دور المملكة الريادي وثقلها ومكانتها العربية والإسلامية والدولية، واستشعارًا لثقلها الاقتصادي العالمي، وانطلاقًا من مسؤوليتها الإقليمية والدولية المترتبة على ذلك، ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة. وتهدف هذه القمة المشتركة إلى تأكيد الشراكة التاريخية بين هذه الدول، وتعميق التعاون المشترك في مختلف المجالات وصولاً إلى تطوير سبل التعاون والتكامل فيما بين دول القمة، وبناء مشاريع مشتركة تسهم في تحقيق تنمية مستدامة في المنطقة، والتصدي الجماعي للتحديات البيئية، ومواجهة التغير المناخي، بما في ذلك مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر اللتين أعلن عنهما صاحب السمو الملكي ولي عهد المملكة العربية السعودية، وتطوير مصادر متجددة للطاقة، والإشادة باتفاقيات الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون والعراق والتأكيد على أهمية التعاون الوثيق والرؤى المشتركة حيال عدد من القضايا والأوضاع في المنطقة، ومنها ما يلي:
1) فلسطين: دعم حل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
2) اليمن:
* الإدانة لهجمات الحوثي الإرهابية ضد المدنيين والأعيان ومنشآت الطاقة.
الترحيب بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي اليمني.
* دعم حل تفاوضي بين الحكومة اليمنية والحوثي.
* الترحيب بالهدنة وتمديدها.
* أهمية الالتزام باستمرار دعم الحاجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني.
3) إيران: التأكيد على منع انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة ودعوة إيران إلى العودة لالتزاماتها النووية، والتعاون الكامل مع وكالة الطاقة الذرية، واحترام قواعد حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتعاون الإيجابي مع دول المنطقة والمجتمع الدولي بما يحفظ الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
4) العراق: دعم العراق وأمنه واستقراره ورفاهه.
5) أزمات المنطقة: دعم الحلول السياسية لكافة أزمات المنطقة، وفقًا لقرارات
ومبادئ الأمم المتحدة ذات الصلة.
6) لبنان: أهمية استقرار لبنان واستقلال قراره السياسي.
7) أفغانستان: دعم أمن واستقرار أفغانستان وعدم تحولها إلى ملاذ آمن للإرهابيين والمتطرفين. وضمان صول المساعدات الإنسانية، والسعي لحصول كافة أطياف الشعب الأفغاني على الحقوق الأساسية وفرص التعليم.
8) الأزمة بين روسيا وأوكرانيا:
* الالتزام بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واحترام سيادة الدول وسلامة أراضيها وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.
* ودعم جهود الوساطة وتشجيع حل الأزمة سياسيًا من خلال المفاوضات، ودعم تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، ودعم جهود ضمان توفر إمدادات الغذاء والطاقة.