خالد بن حمد المالك
هذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر للسيد جو بايدن، فزيارته للمنطقة واجتماعه بقادتها تمثل حدثاً مهماً يستطيع الرئيس الأمريكي أن يستلهم منه ما يعزز الاستقرار في المنطقة، ويضيف به إلى رصيده الشخصي ما يجعله يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، ويحتل اسمه وصورته كأحد أبرز الرؤساء الأمريكيين الموثق في صفحات التاريخ التي لن تُمحى من صفحاته الناصعة.
* *
تتمثل هذه الفرصة في فتح صدره وعقله وكل حواسه لكل ما سيسمعه من قادة المملكة وبقية قادة دول المنطقة، بروح من المسؤولية التي تتحملها الولايات المتحدة الأمريكية وزعيمها السيد جو بايدن، في ظل تحديات يواجهها العالم، وتحاصر دول منطقتنا بعض هذه التحديات التي لا قبل لها بحلها دون معاضدة واشنطن، ودعمها بروح من الفهم والتفاهم مع أقطاب هذه الدول.
* *
قد يسأل السيد بايدن، وماذا يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه من عون لتفريغ المنطقة من شحنات الإرهاب والتناحر والخلافات والحروب والخوف من المستقبل المجهول الذي يخيم على المنطقة بكل تحدياته ومشاكله وتآمر القوى العدوانية على أمن واستقرار دولنا، وهو سؤال وجيه، وإن سأله فهي محاولة منه لفهم ما هو مفهوم، ولكن بتفاصيل أكثر عن الحالة في منطقتنا الآن وفي المستقبل.
* *
قراءة الوضع في منطقتنا أمنياً واقتصادياً وسياسياً يعود بنا إلى تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي، وقضية الشعب الفلسطيني ودولته الموعود بها، وهي لب المشكلة، وأساس عدم الاستقرار في المنطقة، وحلها بإقامة خيار الدولتين، وبالتالي إنهاء الكثير من أسباب التوتر وعدم الاستقرار، فهذا الحل يضمن الأمن لكل دول المنطقة بما فيها الدولة الإسرائيلية، وهو مطلب يتماشى مع قرارات الشرعية الدولية، ومع ما تعترف به الولايات المتحدة الأمريكية من أن للشعب الفلسطيني الحق في دولة إلى جانب الدولة الإسرائيلية.
* *
هناك إيران وإرهاب إيران المعلن في تصديره لثورة الخميني، وتدخلها في شؤون دول المنطقة الداخلية، ودعمها وتسليحها لميليشيات إرهابية في العراق ولبنان واليمن وسوريا للعبث بأمن هذه الدول، والعمل على توسيع قواعدها وتواجدها في غير هذه الدول لتكون لها نفوذها المدمر في كل دولة يكون لها فيها نفوذ كما في هذه الدول الأربع.
* *
وإيران لا تكتفي بذلك، لكنها تمضي في استكمال برنامجها النووي، وصولاً إلى صناعة القنبلة الذرية، وحينها لن يكون بمقدور الولايات المتحدة أن تفعل شيئاً، وسوف ترفع يدها عن مواجهة هذا العدوان المبيت، طالما امتلكت إيران الأسلحة النووية، كما رفعت يدها من قبل، واستسلمت للأمر الواقع مع دخول كوريا الشمالية لنادي الدول النووية، وهو تطور غير عادي وخطير لزيادة أطماع إيران وأهداف هذه الدولة التي تدعم الإرهاب.
* *
وإن الدعوة إلى محاولة تطبيع الدول العربية مع إسرائيل، يمكن تحقيقه، إذا ما تم الأخذ بما ورد بالمبادرة العربية، فالاعتراف بإسرائيل، وقبول العرب والفلسطينيين بها مرهون بتحقيق آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على أراضي ما قبل حرب 67 وليس في هذا مساس بالدولة الإسرائيلية، أو مس بحقوق اليهود في فلسطين، ومثل هذا الطرح إذا ما نجح الرئيس بايدن في إقناع إسرائيل به، فسوف نجد أننا أمام شرق أوسط جديد، لا ذلك الشرق الأوسطي الكريه الذي مات قبل أن يولد وكانت تنادي به إدارة أمريكية سابقة، وتم رفضه، ولم تكن هناك من فرصة أمامه للتنفيذ.
* *
على مستوى العلاقات السعودية - الأمريكية، أُذكِّر فخامة الرئيس بأن العلاقات الثنائية بين بلدينا لا يمكن أن تختزل بما يحقق مصالح أمريكا فقط، ولا يمكن القبول بما قد تمليه واشنطن على الرياض ثقافياً واجتماعياً متى كان مخالفاً لأعراف وتقاليد ودين شعب المملكة العربية السعودية، فلكل شعب ولكل دولة معتقداتها وثوابتها، ومن إضاعة الوقت أن نجر شعباً ليأخذ بتقاليد وسياسات شعب آخر، لهذا فالعلاقات المتوازنة القائمة على المصالح المشتركة هي التي تصمد مهما كانت هناك وجهات نظر متباينة بشأن بعض القضايا.
* *
على أن العلاقات السعودية - الأمريكية المتجذرة، منذ أكثر من ثمانين عامًا، تميزت دائمًا بالتعاون والشراكات، والفهم المشترك، والتعاون، دون أن تقبل المملكة أي إملاءات لا تنسجم مع مصالحها، وفي المقابل فقد ظلت وجهات النظر وإن شابها ما شابها من اختلاف في بعض القضايا محل احترام الجانبين، تعالج بالحكمة وبُعد النظر، ومن خلال الحوار والشراكة التي يكون فيها مصلحة ثنائية، وامتدادًا مصلحة لاستقرار العالم، ومعالجة لأوضاع دوله الاقتصادية والتنموية والأمنية والسياسية.
* *
مرحبًا فخامة الرئيس ضيفًا على الملك وولي العهد وشعب المملكة العربية السعودية.