ناصر بن حامد الأحمد
الحقبة الحالية تُعيد إلى الأذهان ما حصل من نقاش ساخن بين منظري العلاقات الدولية في العالم الغربي وخاصة في الولايات المتحدة في نهاية الثمانينيات حول أسباب فشل نظريات العلاقات الدولية في توقع أو تفسير سقوط الاتحاد السوفيتي المفاجئ. يتجادل الكثير، هذه الأيام، إننا أمام واقع جديد بشأن طبيعة بنية النظام الدولي التي تتشكل خصوصًا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. قد يكون من المبكر الحُكم بشأن تغيّر طبيعة بنية النظام الدولي قبل أن تضع الحرب أوزارها في أوكرانيا وما لم يتأثر تماسك الاتحاد الأوروبي جراء تداعيات الحرب إضافةً إلى اتضاح الصورة بشأن طموحات الصين وموقفها من النفوذ الأمريكي في جنوب شرق آسيا وبشأن تدخلات واشنطن وعلاقتها مع «تايوان» الأمر الذي يطرح تساؤلات حول قدرة الصين بالتمدد في محيطها. ومن المرجح أن الأزمة الأوكرانية ستطول لأن تكلفة التراجع عند بوتين أصبحت أكبر من تكلفة مواصلة القتال ما لم تصل موسكو إلى تسوية ترضى عنها. كل هذه الوقائع تشير إلى أن الهزات في بنية النظام الدولي تسير نحو «التصاعد». لا أرى من مصلحة روسيا العيش بالتعاون مع دولة عظمى مثل الصين لكن التشابكات والتعقيدات الحاصلة في النظام الدولي جعلت بكين وموسكو يتفقان على خطورة تمدد الديمقراطية الليبرالية.