د.خالد بن عبدالعزيز الشريدة
جاذبية المكان في روحانيته..
قوة الموقع في قيادته..
عظمة الشعب في وحدته..
سمو المكانة في تاريخه..
طموح الوطن في رؤيته..
وهذه كلها تجتمع في مملكة الحلول.
نحتاج لأن نعي أن العالم يعيش تغيرات ليست مناخية فقط.. بل في موازين قواه.. وتحالفاته.. وطبيعة حراكه على مختلف مستوياته.
اسمحوا لي أن أقول:
كما أن الإيمان يأرز بين حرم مكة والمدينة؛ بمعنى أنه يحوم حولها ويثبت عندها.
وهذا يعني أن الفرار عن الفتن يحتاج إلى موطن الإيمان.. ثم الوفادة إلى مأرز الإيمان للتروي بالقيم.
فإن حلول أزمات العالم وأمنه وتنميته، تؤكد أن وجهتها تأرز بين مكة والرياض.
مكة إذ تعني القيم والرياض إذ تعني القيمة.
عبر التاريخ المعاصر.. عاث الغرب فساداً في بلادنا العربية.. واستغل خيرات دول أفريقية، وأهان باستعلائه دول أمريكا اللاتينية.
ومن عظمة التقدير الرباني أن يثبت الزمن أن التجاوزات الاستراتيجية تأخذ حظها من الوقت ليتبين للعالم مدى تأثيرها السلبي على أمن وتنمية وسلام مجتمعاتهم.. تم تتهاوى بالقدر الذي استهانت به من قيم الخير والعدل والرحمة.
وهكذا تتكشف حقيقة (وهم النموذج الغربي) ويتكشف عواره ليس لنا فقط (فنحن مؤمنون بأنه ليس بعد الحق إلا الضلال) بل تكشف لأهل بيته وصناع سياساته وشعوبه.
تتهاوى اليوم مصالح الغرب ومصطلحاته التي صكها في عصر قوته وهيمنته بمنطق السلاح وليس بسلاح المنطق.
وهذا المسار (المتعجرف) كفيل بأن يذله الله إما بسلوكياته هو.. أو بأن يقيض الله من القوى للوقوف ضده من خلال تغيرات في سنن الكون الربانية.
وأجزم موقناً.. وقد كنت أقرأ هذه الحال منذ فترة وربما غيري ممن يتأملون سنن الله في المجتمعات أن تهاوي جبروت الغرب حادث لا محالة لأنه يؤسس (للظلم والشذوذ والعلمانية).
وحينما يدرك الساسة العقلاء في عالمنا العربي والإسلامي هذه الحقائق التي تولدها متغيرات عالمية.. فحري به أن يبني وأن يتبنى سياسات تؤسس لقوته وتحالفاته البينية التي تضمن استقراره واستمراره.. وهذه الأجندة العربية الإسلامية تحتاج لتفاعل قياداته في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية.. بما يخدم مصالحهم المشتركة.
(فعالم النزاعات يثبت أنه لغة غربية عفا عليها الزمن)
وأنموذج قيادة قمة جدة للأمن والتنمية شاهد لقمة القيادة هنا.. وتبنيها لهذا المسار الذي يشق طريقه للمجد والعلياء.
مملكة الحلول لكل مراقب للحراك الذي نتحدث عنه تقود هذه المنظومة المتطلعة لتغيير مسار القوة والمكانة.. ومهما تنادى رواد الغرب وقياداته إلى تهميش (ونبذ) مقوماتنا في الدين والدنيا.. فإن الأحداث تثبت لهم أن أصول مقومات وطننا ومواطنينا في قبلة الإسلام أصلها ثابت وفرعها في السماء.. وأن الحلول لا غنى لهم عن للرياض في دنياهم.. وأن القبلة مكة لا غنى لهم عنها في دينهم.
ولمن أراد مصالحتنا واحترام مصالحنا فأبواب مملكة الحلول مشرعة لكل من يقدر معانيها.
وحينما تسري فينا هذه المعاني وتتجسد في واقعنا من خلال استحضار أننا قدوة في حراكنا ومشروعاتنا لخير العالم وتنميته فإن آفاقاً لنا ستتفتح وتتفاعل مع رؤية أن الحل في مملكة الحلول.
وتأملوا حال البلاد التي ناوأت حلولنا.. أو ركنت إلى أي منطق للجهل في سياساته أو عباداته. حتى أن بعضهم عيرنا (بالبداوة) فأصبح عاقبة أمره خسرى!! وليته يعلم عن مستوى تكدس (الزبالة) في واقعه وفي فكره المتخلف.. كفيل بأن يمنحه الدرس بامتياز.
وكأن الحال تقول (لمن يحيك لنا الشر) إذا لم تستجب لإمهالنا فستجني عاقبة إهمالنا.
أنعم الله علينا بنعم جعلت عالم قيادات الغرب يستجيب لنداءاتنا.. ومن عالمنا المسلم من يقدر مواقفنا التي تؤكد وحدتنا الإسلامية.. وترسخ منظومة التفاعل البناء بين مكوناتها.
تمر بهذه المتغيرات مناخات وتحديات وصعوبات لكن الحق والمنطق دوماً يأرز إلى مهبط الوحي مكة وملتقى الحلول الرياض.
ويبقى أننا أحوج ما نكون إلى التمسك بثوابتنا ومصادر عزنا لأنها مكمن قوتنا وتفوقنا في الدين والدنيا معاً.
** **
قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية - جامعة القصيم