نجلاء العتيبي
يقول إيليا أبو ماضي شاعر الأمل والتفاؤل في قصيدته المشهورة:
قالَ السَماءُ كَئيبَةٌ وَتَجَهَّما
قُلتُ اِبتَسِم يَكفي التَجَهّمُ في السَما
قالَ الصِبا وَلّى فَقُلتُ لَهُ اِبتَسِم
لَن يُرجِعَ الأَسَفُ الصِبا المُتَصَرِّما
قالَ اللَيالي جَرَّعَتني عَلقَمًا
قُلتُ اِبتَسِم وَلَئِن جَرَعتَ العَلقَما
فَلَعَلَّ غَيرَكَ إِن رَآكَ مُرَنَّمًا
طَرَحَ الكَآبَةَ جانِباً وَتَرَنَّما
ومن قبله أبو الطيب المتنبي:
عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بِما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
مراتٍ عديدة نسمعها..
«راح جيل الطيبين»..
«أيامهم كانت أزين»..
«عيدنا ما هو بمثل عيدهم»..
«ليت الليالي الأولية تعود»..
لا بأس من بعض الحنين، لكنْ لا تُثقلوا علينا..
نقول لكل وقت زَهْوه وجماله..
وها هو عيدنا وأيامنا:
اجتماع عائلة، زيارة أقارب، وصلة الأرحام تتصدر جدول يوم العيد.
طقوس الأعياد ومظاهرها سارية في كل عام بفضل من الله سبحانه..
المجالس المفتوحة العامرة بالأرواح الجميلة الطيبة، الترحيب بحرارة..
راحة بخور طيب العود تفوح في زوايا البيوت..
الحلويات القديمة نراها بجانب تقديمات الشوكولاته الفاخرة المتنوعة على طاولة الضيافة..
ولم نكبر عليها، ما زلنا نأخذ خمشة منها لدسّها في جيوبنا..
أغنية طلال مداح لم تمت:
«كل عام وأنتم بخير.. كل عام وأنتم بخير..
ضحكة فرح من كل قلب في أحلى عيد..
نور الأمل بادٍ في دنيا السعادة
للقريب قريب معايا.. معايا وبعيد..
الفرحة عمت.. عمت سمانا
هنت قلوب.. قلوب الحزانى..
والدنيا لحظة.. لحظة قدومو
صارت تردد.. تردد معانا..».
عيديات الصغار، لعبهم في ساحات البيوت..
والألفة والمحبة تطوف حولهم..
التحديث والعولمة وخفاياها، وما نشاهده من تسارع عجيب مخيف لمحاولة طمس هوية الشعوب، لم يطل مجتمعنا، لم يأخذ منا شيئًا..
هناك تحديث وتحديات واضحة عما كان في السابق في كل المجتمعات، لكنَّه لم يمسَّ الأصل والأساس لدينا، بل زاد التمسك بموروثنا..
لا نزال محافظين على الطابع السعودي المتميز بعاداته وتقاليده وتراثه..
نواكب التطور بهويتنا وما يناسبنا..
الطيب ما زال متصلاً بجيلنا الحالي..
وقادرون على المحافظة على جمالية مجتمعنا المتميزة بتراثنا المادي والمعنوي، ونقله للنشء الجديد غارسينَ فيهم هويتنا الوطنية القوية وما تعلمناه..
اتركونا من السلبية، دعونا نتمتع بمراحل تطور الحياة..
العيد يحمل معاني سامية فلا تفسدوها بكلمات سوداء تُؤلم الكبار، وتستقر في عقول وقلوب الصغار..
فالفرح مهارة تربوية عظيمة يتلقاها الطفل منذ صغره، يشعر بها، يتعلمها، ويعرف معناها وينتظرها.
«ضوء»
ما الماضي إلا حلم، وما المستقبل إلا رؤية، وعيشك الحاضر بحب تام لله سبحانه وتعالى يجعل من الماضي حلمًا من السعادة، ومن المستقبل رؤية من الأمل.
(إبراهيم الفقي)