عبود بن علي ال زاحم
أوجد التطور التقني نوعاً جديداً من البيئة العملية، والعلاقة بين الموظفين والمرؤوسين للتفاهم عن بُعد، فيما يعرف بالإدارة الافتراضية، وهي بيئة عمل حديثة تجمع بين الإدارة عن بُعد من ناحية، والإدارة عن قرب من ناحية أخرى، وتعتمد على التفاهم والثقة التي تسود بين مدير المؤسسة والموظفين الذين يقودهم دون أن يعرفهم، وربما دون أن يراهم حيث تلعب وسائل الاتصال المختلفة دوراً محورياً في البيئة الجديدة للربط بين الموظفين في العالم الافتراضي، وتوجيه إنجازاتهم والتنسيق بينها لإنزالها في مواقعها دون الحاجة لتواجدهم الإنساني التقليدي المباشر.
ولم تكن الإدارة الافتراضية وليدة عصرنا، بل إن فردريك تايلور (أبو الإدارة الحديثة) كان يدير عماله وموظفيه عن بُعد منذ قرن تقريباً. وبعد 70 عاماً هلل العالم لظهور كتاب «مدير الدقيقة الواحدة» للكاتبين كينيث بلانشارد و»سبنسر جونسون» الذي أطلق حركة «الإدارة الإنسانية»، ودعا هذا النمط القيادي الأخاذ إلى مراقبة العاملين عن قرب.
يقول روبرت هارجروف في كتابه «الإدارة الافتراضية - مهارات القيادة والاتصال والتفاعل عن بُعد» أن الإدارة الافتراضية هي بيئة العمل البديلة، والعالم الافتراضي الذي يتواجد فيه الموظفون بأعمالهم وليس بأجسادهم، ويتم الربط فيه بين الموظفين بوسائل الاتصال المختلفة دون الحاجة لتواجدهم الجسماني أو المكاني.
بيئة العمل الافتراضية البديلة تحتاج إلى ثقافة اتصالات بديلة أيضاً، إذ لا مكان لثقافة الاتصالات التقليدية في بيئة العمل العادية، حيث يؤكد 87% من الموظفين الافتراضيين الذين يعملون داخل فضاء بيئة العمل البديلة في أمريكا وفقاً لإحصائية ارتفاع إنتاجيتهم في العالم الافتراضي عما كانت عليه في العالم الحقيقي.
وتؤكد دراسة مكثفة أجريت على مدى 8 سنوات أن أحد العوامل التي تزيد من فعالية القائد في الفرق الافتراضية، هو أن قادة الفرق الافتراضية يحتاجون إلى قضاء المزيد من الوقت مقارنة بنظرائهم التقليديين في توضيح التوقعات ويرجع ذلك إلى أنماط السلوك وديناميكيات التفاعل غير المألوفة التي فرضتها البيئة الافتراضية الجديدة.
هناك العديد من الميزات لبيئة الفريق الافتراضية التي قد تؤثر تعزز ثقة المتابعين، حيث تتزايد في المنظمة الافتراضية أعداد الموظفين المؤقتين وغير الدائمين، عما كان عليه في المنظمة التقليدية، وهنا يبرز الفرق بين الرسائل الإلكترونية الافتراضية التي تتم عبر وسائل الاتصال الرقمية، والرسالة التقليدية المباشرة التي تتم وجهاً لوجه، حيث تبدو الرسائل الإلكترونية أكثر وحدة وتناسقاً، إذ لا يمكنك في الاتصالات الإلكترونية تغيير كلمتك كما في الاتصالات التقليدية. كما أن الرسائل الإلكترونية أكثر احترافاً، وأنها تولد انفعالات عصبية أقل بكثير من تلك التي تولدها الرسائل التقليدية المباشرة، وأنها أوسع انتشاراً وأشد خطراً، إذ لا يمكنك إنكار ما قلته في حالة الرسائل الإلكترونية. وأن الشركة الافتراضية لا تتحمل مصروفات تذكر، رغم أنها تنتج وتطور، فيما تتحمل الشركة الحقيقية مصروفات في كل لحظة حتى ولو لم تنتج أو تطور.
ولكي يجني الفريق هذه الفوائد، يجب أن يضمن قائد الفريق الافتراضي الشعور بالثقة بين جميع أعضاء الفريق، وأن يشعر رؤساء الأقسام بالأمان النفسي داخل الفريق من خلال السماح لجميع الأعضاء بالتحدث بصدق ومباشرة مع احترام مع بعضهم البعض، كما أنه لكي ينجح الفريق، يجب على المدير جدولة الاجتماعات لضمان مشاركة الجميع.