رقية سليمان الهويريني
أدرك أن هاجس المواطن هو تملُّك السكن بحجة أن الإيجار يلتهم جزءًا من راتبه، فضلاً عن الثقافة المتأصِّلة بضرورة التملُّك، بالرغم من أن شعوبًا في بقاع الأرض لا ترى أن تملُّك المنزل هدف مصيري، بل لديها هموم أكبر من ذلك طالما أن البيت يحقق الاستقرار والهدوء لساكنه!
كتبت عن السكن كثيرًا، وما زلت أواصل الكتابة في الموضوع ذاته كمحاولة لتغيير شيء من الأفكار المتأصِّلة لدى بعض المواطنين، سواء في المساحة أو التأثيث. وقصدي من ذلك ألا يكون السكن هدفًا بقدر ما يصبح وسيلة للاستقرار والأمان النفسي.. وما ألمسه أو أشاهده في التملُّك من خلال البناء الشخصي أو شراء الجاهز لا يكاد يحقق الاستقرار المطلوب!
فالبناء بالطريقة التقليدية المعتادة يعتوره الكثير من الخلل، سواء باختيار المكان الملائم للسكن، أو بطريقة التصميم التي تجعل المرء مديونًا طيلة عمره، أو غير راضٍ عن منزله بعد مضي مدة قصيرة على السكن فيه، فضلاً عما يواجهه من وجود أخطاء جسيمة في السباكة والكهرباء، أو هبوط مفاجئ في الأرضيات، أو تشققات في الجدران!
وفي ظل عدم وجود شركات إنشائية ذات مصداقية عالية، سواء في المواصفات أو وقت التسليم، فإنه من الجدير المطالبة بالاستعانة بشركات إنشائية أجنبية، أثبتت جدارتها في بناء المطارات الدولية وإسكان موظفي بعض الوزارات، كالدفاع والحرس الوطني وغيرها، حيث يُلاحظ صمودها للتغيرات المناخية وتبدلات الطقس رغم مضي أعوام عديدة وأزمنة مديدة على إنشائها، بينما لا تبقى المساكن التقليدية سوى أعوام عدة ثم يبدأ مالكها في ترميمها أو تعديلها، أو معالجة مشاكل البناء والتشييد!
وإلى حين الاقتناع بذلك ينبغي توقُّف الأفراد عن تملُّك الأراضي في أطراف المدن أو البناء الشخصي؛ إذ إنه في النهاية خسارة مادية وحرق أعصاب ليس إلا، والمحصلة النهائية تملُّك سكنٍ بديون مركَّبة، وصيانة مستمرة!.. ولو حسبها المرء إيجارًا لكان هو الكاسب الأكبر؛ إذ لا صيانة ولا توتر، ولا سكن مؤبدًا في حي قد يتغير ساكنوه، ثم لا يستطيع الرحيل حتى لو آذاه جاره، أو أصبح شارعه طريقًا عاماً لا يحقق له الراحة أو النوم!