علي الخزيم
تؤكد النيابة العامة كلما ثبت لديها حدوث نشر مواد مخلة، وتتعارض مع الأنظمة المعلنة، أن إنتاج أو ترويج أو إرسال البيانات أو المواد أو المقاطع التي تمس الآداب العامة أو القيم الدينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة تقنية جريمة معلوماتية؛ يترتب عليها عقوبات محددة مفصلة بالأنظمة. وفئة من الصغار والشباب من الجنسين قد يفوتهم التفريق بين مفهوم التواصل الاجتماعي والمسؤولية الوطنية الاجتماعية، وكذلك معنى الحريات الشخصية، فإن استخدام أحدهم وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر مدى وعيه وحرصه على تطبيق مبادئ المسؤولية المشار إليها، وتعكس ممارساته بواسطتها القيم التي يتحلى بها هذا المواطن، وترمز للبيئة التي تربي وسطها. علمًا بأن هناك من يخرج عن دائرة الأسرة المحافظة أو الحريصة على نهج تربوي مستقيم بمزاعم استقلاليته الفكرية وميوله الشخصية إلى أن يبلغ مرحلة عمرية، أو يمر بمواقف تنبهه لخروجه عن المسار الصحيح. ويغيب عن بعضهم أن مجموعات القيم التي نتحلى بها ونطبقها بحياتنا العامة بالمنزل والعمل والشارع ومع الأصدقاء هي مهيمنة على تعاملنا مع وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يمكن أن ننسلخ عن قيمنا بمجرد أن نكون بغرفنا أو باستراحاتنا أمام أجهزتنا المحمولة حتى لو استخدمنا أسماء مستعارة، فالقيم والأخلاق والمبادئ ثابتة بالسر والعلن، ثم إنها وظيفة وطنية، تقدِّم صورة نقية عن ابن الوطن بين الشعوب المتحضرة. وبهذه المعاني لا مجال لدعاوى الحرية الشخصية.
وأجدها فرصة لتحذير الناشئة والشباب من حبائل بعض وسائل التواصل الإلكترونية؛ إذ يظهر مؤخرًا أسلوب المخادعة من بعضها ببث مقاطع إباحية وما يدعو للشذوذ والمثلية تفاجئك حين فتح مادة على التطبيق دون سابق تنبيه أو تحذير، وكأنه أمر مقصود. وبملاحظات متتالية تجد أن عددًا من وسائل التواصل أخذت تطبِّق هذه المخاتلات، ولاسيما الموجهة للصغار؛ إذ ترصد ميولهم واختياراتهم لتبث عبرها تلك المنشورات والصور والأفلام الخادشة المفسدة. ومع الدعوات للتصدي لتلك الشوائب بالأنظمة والقوانين فإن أصواتًا تهيب كذلك بالمتخصصين التقنيين بالبلاد العربية والإسلامية لابتكار برامج مضادة لحجب ما يلوث أفكار المتلقي، ويكدر مشاهداته وبحثه عبر التقنية. ويقول عارفون إن هناك برامج يمكن أن تحجب ما لا تريده عن الصغار وغيرهم، وبعضها هو الآخر مصيدة من تلك الشركات لإجبار المعترض على الاشتراك بمقابل مادي ببرامج الحجب المذكورة. وهذه مشكلة إضافية لغير القادرين على مزيد من دفع الأموال.
ومما يدعو لتكثيف التوعية بأهمية فهم قوانين النشر وآدابه أن شبابًا يندفعون بحماس للتعليق أو إعادة نشر مواد محظورة ومسيئة أو إباحية بقصد التندر أو الاعتراض عليها بطريقة غير محسوبة ولا مدروسة مما يوقعهم بدائرة المتابعة والعقاب، الأمر الذي يلزم معه المزيد من التوعية بهذه المخاطر لتصل للأجيال كافة بطرق ناجعة بحسب ما يراه أهل الاختصاص، كل بمجاله. وعلى الشباب الوطني الطموح أن يجعل جهازه المحمول وسيلة للتعامل مع من يزوده بالفكر الناضج النيّر، وعلاقات مثمرة تفيده بحاضره ومستقبله، والتمييز بين الخطوط التي تفصل بين مقولات الحرية الشخصية وما يعد واجبًا تجاه ذاته ووطنه.