عطية محمد عطية عقيلان
يواجه العاملون في القطاع الصحي أوقاتٍ عصيبةً تتطلب منهم الاستعداد النفسي والطبي والبدني، لتقديم الخدمة للمرضى، والذين يريدون خدمة سريعة ومتكاملة وبنتيجة فعّالة، لا سيما العاملون في الإسعاف وأقسام الطوارئ في المستشفيات، وغالباً يكونوا، ضحايا التذمر والشكوى، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء من شتم وضرب وتهجم، ومع كل قصة اعتداء على ممارس صحي، تنشرها الصحف أو منصات التواصل الاجتماعي، نتذكر ما يمرون به من أوقات عصيبة وظروف صعبة، تتطلب أن يكونوا هادئين ومستعدين وجاهزين لأبعد حد، دون مراعاة وتقدير أحياناً، من المراجعين والمرضى، بحجم الضغوط التي يلاقونها بشكل يومي، لاسيما أننا جميعاً لا نراجع المستشفيات غالباً إلا في الظروف الطارئة والملحة ووقت الألم أو الإصابة، ونطلب أن يهتموا بنا وكأننا فريدو عصرنا، ويجب أن يسخروا إمكانياتهم ووقتهم لنا لوحدنا، ولا بد أن يجدوا حلاً وعلاجاً سريعاً دون إبطاء أو تأخير، فذك يعتدي على ممرضة لأنها تأخرت بإزالة إبرة المغذي وإنشغالها بمريض آخر، لأنه من الصنف البشري النادر ويريد أن يلحق عشاء الاستراحة أو جمعة الشباب، وكذلك التي طلبت صرف دواء من الصيدلي ورفضه إلا بوصفة طبية حسب الأنظمة والقوانين، لتباغته برصاصتين قاتلتين، وتعرض تلك الطبيبة وزميلها الطبيب للصفعات واللكمات، لأن نتيجة التحليل لما تظهر بعد، وفي رأيي الشخصي أن الممارس الصحي سواء كان طبيباً أو ممرضاً أو صيدلياً أو مسعفاً، يواجه في مسيرته نوعاً من الاعتداء، أقله اللفظي من سب وشتم واستهزاء وسخرية، وهذه تؤثر في نفسيته وعلى أدائه لعمله بشكل كامل، وأيضاً يواجه بعضهم الاعتداء الجسدي، سواء لكمات أو صفعات أو طعنات أو بالعقال ومن في حكمه، وقد تنتهي بالرصاص وإزهاق الأرواح، وأيضاً لم تسلم الممتلكات من أجهزة طبية أو معدات أو كراسي أو إسعاف من الاعتداء والتخريب ..إلخ، علماً أن الأنظمة والقوانين صارمة في معاقبة المعتدين بأي نوع كان، وما ساعد الممارسين الصحيين أنه أحياناً يتم توثيق أو تصوير هذه الحالات، والتي تساهم في سرعة التعامل معها وتطبيق العقوبات.
ورسالة خاصة لكل ممارس صحي، دخل في هذا المجال، بأنه يتعامل مع حالات طارئة، وأوقات مؤلمة وعصيبة للمريض أو مرافقيه، وهذه تحتاج إلى احتواء وتعامل خاص، لا بد أن توفرها المستشفيات والجامعات والمراكز التعليمية، لأنها مهمة مؤثرة في سيرة الممارس الصحي، وأيضاً تثقيف نفسه في كيفية التعامل مع الحالات الانفعالية، لاسيما أطباء الطوارئ والمسعفين والعناية المركزة، مع تقديرنا للعاملين في هذا الميدان الذين يجابهون الصعاب ويستقبلون الحالات المرضية الحرجة، وللأسف أن الممارس الصحي نرى أن جل علاقاتهم تتمحور أثناء الحاجة لهم في نصيحة أو كشف أو علاج، ولا يعترف مريضهم أو يراعي بأن هناك وقتاً محظوراً أو متأخراً في التواصل معهم، ولهم حياتهم وعائلاتهم، وحقهم في الراحة والإجازة، بل نرى أن نجد أن من حقوقنا عليهم، بأن يتجاوبوا معنا ويردوا على رسائلنا، ونبرر ذلك بأن هذا عملهم، وكأنهم بشر آلي، لا يعرفون الراحة، فعزيز القارئ رفقاً بالممارسين الصحيين، وتعامل معهم بإنسانية، فالكشفية المدفوعة، لا تخولنا أن نحولهم إلى موظفين عندنا يلبون حاجتنا، ولنقدر أن الطبيب ليس ساحراً ولديه أجوبة وعلاج وحل لكل حالة تمر بها، وليس مطلوباً منه صرف الدواء أو التنويم أو العلاج حسب طلبك، ولنقدر التواصل معهم في الأوقات المناسبة، ولا نضخم أخطاءهم وتسليط الضوء عليها.
خاتمة: يقول الفيلسوف والطبيب ابن رشد «إن صناعة الطب صناعة فاعلة، عن مبادئ صادقة، يلتمس بها حفظ بدن الإنسان، وإبطال المرض».