الهادي التليلي
عيد الجمهورية التونسية لهذا العام لم يكن عادياً, حيث تزامن مع الاستفتاء الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيد على الدستور, الذي شهد محتواه شداً وجذباً بين مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي التونسي, وذلك بفوز ساحق للنعم بنسبة 92 بالمائة على حساب الـ«لا» للدستور, وذلك في نسبة مشاركة تقدر بـ25 بالمائة من الرقم النظري للمصوتين.
في الحقيقة نجاح قيس سعيد في مشرعة الدستور, يأتي بالرغم من أن الظرف الزمني يراه أغلب الملاحظين غير موات, وذلك لأن الأغلبية الساحقة من الجالية التونسية تكون في هذه الفترة بوطنها أي أن نسبة المصوتين بالخارج ستكون جداً ضعيفة وهو ما حصل فعلاً.
كما أن نجاح الاستفتاء كاستحقاق, يُعدُّ شهادة وفاة للإخوان ومن لف لفهم في المشهد السياسي التونسي, ويعني أيضاً فتح باب المحاسبة على مصراعيه أمامهم, كما يعني موتاً سريرياً لمنظومة القضاء الإخواني والمعبر عنه بقضاء البحيري الذي بقي متمكناً بتلابيب البلد حتى بعد قرارات 25 جويلية المنقضي, والتي حل بموجبها البرلمان تدريجياً المحاسبة شعار ما بعد استحقاق الاستفتاء الشعبي.
ولو نظرنا إلى تاريخ هذا اليوم ونعني بذلك عيد الجمهورية, نراه يوماً ساخناً حيث فيه استشهد الحاج محمد البراهمي, وكذلك فيه توفي الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي, والأسباب مازالت في ملفات القضاء العسكري التونسي, وإذا كانت الأحداث التي وقعت سابقاً في هذا اليوم تعد حركة النهضة المتهم الأول بحدوثها, فإنه من العام الماضي صارت النهضة من يدفع فاتورة هذا اليوم حيث أبعدت عن المشهد العام الماضي, وكسر هيكلها بنجاح الاستفتاء الذي يشرع لرئيس الجمهورية محاسبتها وربما سجن قياداتها التاريخية وعلى رأسهم راشد الغنوشي المتهم بعديد القضايا التي قد يصل البعض منها إلى الحكم بالإعدام.
زيادة على العدالة الاجتماعية التي يأمل كل التونسيين تحققها بعد التصويت على الدستور, ينتظر الجميع حلحلة للملفات الاقتصادية والاجتماعية نظراً للاختناق الذي أصبح يلف المشهد العام للبلاد, إذ صارت تونس الثانية إفريقياً من حيث عدد الجرائم, كما أصبحت دبلوماسيتها على هامش المشهد الجيو سياسي, كما تحول التعليم إلى بؤرة لغير التعليم, وهو ما يعكسه مؤشر دافوس والمرتبة 84 التي لا تليق بالبلد وتاريخه في مجال التعليم.
كما ينتظر أن يتم لم شمل العائلة الوسطية في تونس, وإعادة الأموال المنهوبة لتحريك عجلة التنمية, وقبل كل هذا تحتاج تونس إلى منوال تنموي يعطي للشباب فرصتهم في الإسهام في البناء.