عبد الله سليمان الطليان
موضوعي هنا ليس رسالة استجداء، بل هو تذكير أو تنبيه لوجه الخير الذي هو الخير الحسن لذاته، ولما يحققه من لذة أو نفع, أو سعادة, وعلى أي وجه كان هذا الخير، وهو منتشر بين الناس بشكل عام وعلى درجات مختلفة وحسب الاستطاعة، لكننا هنا نسلط الضوء على الخير ممن تفضل الله عليه بالمال الوفير فعاش في رغد وسعة عيش، الذي يبحث عن الترفيه في صوره كافة من أجل الشعور بأوقات السعادة، وهذا يعتبر من حقه، بل هو مطلوب وضروري للنفس خاصة بعد عناء تعب وجهد عمل؛ لكي يكون هناك تغيير يعطي حافزًا نحو عطاء جديد ومتميز.
ولكن هنا أعود إلى الذي يعيش في ترف ولا يقوم بأداء عمل مجهد أو متعب، وكل أموره في غالبها ميسرة، وهو يبحث عن لذة السعادة، التي كان لهذه اللذة بحث قديم منذ عهد الفيلسوف اليوناني بيقور الذي يقول إن المتعة لا تتم للمرء عن طريق الانغماس في الملذات الحسية، بل بممارسة الفضيلة. ويقر اللذة الحسية لأن الإنسان كالحيوان يسعى إلى لذائذه بفطرته، ولكنه حول اللذة الحسية إلى مذهب في الزهد، فاللذة عنده تجمع بين الزهد والمنفعة، ودعا إلى الحياة السعيدة دون أن تستعبد الإنسان شهوته، وهو بذلك يؤثر اللذات العقلية والروحية على اللذات الجسمية والحسية.
وأتوقف عند المنفعة التي أعتبرها قمة السعادة التي يعيشها الإنسان، وهي تقوم على البذل والعطاء، وتقديم المساعدة للمحتاج والفقير والمسكين.. إنها فعلا تعلي قيمة الإنسانية لدى الفرد الذي ينخرط في جوانبها المختلفة. فليت ذلك الغني المشهور الذي تملأ صوره وسائل الإعلام، ونجد أحيانًا في خبايا حياته أنه تعرض لحالة اكتئاب من أثر المخدرات، أن يجرب معنى العمل الخيري الإنساني الذي نراه لدى مشاهير بعض رجال الأعمال مثل في بيل غيتس وارن بافت اللذين ضربا أروع مثل في العمل الخيري من خلال تقديم مساعدات مالية ضخمة. قد يقول قائل إنهم يعيشون خريف العمر ولكن تبقى الحقيقة في أنه يعطيهم لذة وسعادة. في واقعنا نجد أن هناك عددًا من رجال الأعمال لديهم عمل خير بارز في أغلبه مخفي فهم لا يريدون ذكره أو التحدث عنه، ولكن رغم هذه الأعمال الخيرية فإنها ما زالت ضعيفة ودون المستوى المطلوب وذلك بحجم الدخل الذي يتمتع به بعض رجال الأعمال. لقد شدني موقف لرجل أعمال أنشأ دارًا للأيتام، وساهم في تعليم من احتوته هذه الدار من بنين وبنات. وعندما حضر حفل مبسط أقبل الجميع نحوه بعفوية وبتدافع لكي يصافحوه، ويقبله الصغار. شعر بسعادة غامرة، تكون إن شاء الله في الدنيا قبل الآخرة.