د.صالح العبدالواحد
لاشك أن معايير النجاح الحالية هي الأرقام، وبلغة الأرقام المحتملة يمكن للإذاعة السعودية أن تحصد ما لا يقل عن مائة مليون مستمع يسجلون اشتراكهم خلال شهور معدودة.
أما حاليًا، فلا يمكن أن نُنكِر أننا لا نستمع إلى إذاعتنا العزيزة إلا نادرًا، وهذه ليست مشكلة الإذاعة السعودية فقط، ولكنها مشكلة عالمية، حيث التغيير الإعلامي العالمي والذي توجه نحو التقنية والإعلام المختصر والمركز اقتحم الساحة الدولية.
فهل ستعلن منصات الإعلام التقليدية استسلامها وتنسحب؟
بالطبع لا.. شخصيًا أعتقد أن عامل الاستثمار الذي سبق أن تم بذله في الزمن والجهد والمال والذي يصب في مصلحة الإعلام التقليدي يسمح له بالاستمرار أعوامًا وأعوامًا.
البنية التحتية الموجودة في الإذاعة السعودية تسمح لها بالتنافس بكل سهولة، ولكن يبقى دور جذب المستمع إلى المحتوى الهادف.
والدليل أنه على الرغم من الابتعاد عن محطات الإذاعة التقليدية إلا أن برامج «البود كاست»، وهو حوار إذاعي يتم بثه عبر الإنترنت، مازال يلاقي نجاحًا عالميًا منقطع النظير، حيث تصل أجرة أحد المحاورين فيه إلى ثلاثين مليون دولار سنوياً، وعدد المشتركين إلي مئات الملايين.
المثير أن الحوار قد يمتد إلى أكثر من ساعة! مما يعني أنه مازال هناك مستمعين للبرامج الماتعة مهما طالت، وبالتالي فإن تطور المستمع نحو الرسائل الإعلامية القصيرة لا يؤثر في حال كان المحتوى حقيقيًا وجاذبًا.
بعد أي لقاء «بود كاست» ممتع، تنتشر العديد من المقاطع لذلك اللقاء على وسائل التواصل، فمن لا يستطيع سماع اللقاء كاملًا، أو أنه مشغول جدًا، ستصله الفكرة، وقد يتحمس إلى سماع اللقاء.
هذا يعتبر تسخير وسائل التواصل الحديثة لخدمة المحتوى الإذاعي، ونقل المعلومات الهادفة. ستصل الأخبار عن البرنامج إلى جميع أنحاء العالم بسرعة، وسيبدأ من يرغب بمتابعة أي برنامج سواء كان حواريًا أو تعليميًا بمتابعة الإذاعة السعودية.
هنا يأتي دور التكامل الإعلامي الإيجابي.
كيف نبدأ؟
- في البداية، وعلى الرغم من أن محطات الإذاعة تدفع للشركات الاستشارية ملايين الريالات مقابل إبداء الرأي وطرح ما لديهم من خبرة، إلا أنه ومن باب التوضيح لدرء تضارب المصالح، لابد من الإعلان أنني لا أتلقى أي مبلغ مالي مقابل طرح هذه الفكرة.
1 - البحث عن عامل الجذب
لدى أي صاحب مشروع جديد عوامل جذب يجب أن يستثمرها حتى يصبح مميزًا وينجح في عمله، لا يمكن أن نغفل حقيقة عوامل الجذب الهائلة لدى الإذاعة السعودية.
لا يمكن إغفال موقع المملكة الديني العالمي أو في مجال الطاقة النفطي، وبدأ الآن موقعنا في الريادة والتطوير والاستثمار يأخذ خانته المستحقة في عالم مليء بالفرص ومحاط بالتحفظ والمخاطر، بالتالي يجب أن يتم شرح وتوضيح أهميتنا مرارًا وتكرارًا ليستوعب العالم قوتنا الحقيقية في المجال الروحي وكذلك في عصب الحياة وهو الطاقة. ولا شك أن كلاهما محاط بفهم مشوه، ومن هنا تأتي أهمية نشر موقعنا الاستثماري الذي لا مثيل له ليستوعبه العالم أجمع.
2 - استثمار عامل الجذب
المستمع الذي يستمع إلى برنامج فتوى أو الإنصات إلى آية من القرآن الكريم، سيكون سعيدًا إذا حصل على هدية لا تأتيه عن طريق الإعلانات المدفوعة، أو المسابقات المشبوهة، وإنما من خلال نظام دعم البرامج. إن الحصول على جائزة أداء العمرة على سبيل المثال سيكون مطلبًا للكثير من المسلمين حول العالم.
من خلال الإقبال الملموس من المتصلين والمشاركين، سيتطور المحتوى تلقائيًا وسيتم تبسيطه للمسلمين وغير المسلمين. وسيتم نقل هذه الرسالة الجميلة عبر الأثير على حقيقتها. وسيتم إطلاق برامج تشرح للمسلمين تفسير القرآن الكريم بلغتهم، ونشر رسالة الإسلام بصورة صحيحة.
سنعرف أن توجيه بث كامل لمدة 24 ساعة بلغة الباهاسا الاندونيسية لن يكون مجديًا كما هو الحال عند تخصيص ساعة واحدة بعد وقت صلاة الجمعة في إندونيسيا على سبيل المثال.
وسنعرف أن المستمع الأوربي قد يتصل للاستهزاء، وسيجد أنه قد تم الإعداد جيدًا لتلك المداخلات والرد عليها بلغة راقية، وسيعرف الجميع أن أدب الحوار هو عقيدة «وجادلهم بالتي هي أحسن». وسيتطور فن الحوار لدينا بشكل كبير.
3 - العائد الاقتصادي
جميع التطبيقات الحديثة يتم قياس نجاحها بـ «عدد» المشتركين. وعدد المشاهدات الفعلية على موقع التواصل. وتصل قيمة بعض التطبيقات إلى مبالغ فلكية لأن لديهم متابعين كثرًا.
يمكن للإذاعة السعودية أن تقوم بتطوير المحتوى وإنشاء برنامج يسمح للمستمعين من متابعة برامجهم أين ما كانوا. هل لك أن تتخيل عدد المشتركين؟
4 - الجائزة الكبرى
المستمعون من جميع أنحاء العالم يتابعون البرامج التي تمنح الجوائز، جوائز الإذاعة ستكون استضافة المستمع الفائز لأداء العمرة. أما الجائزة الكبرى السنوية ستكون استضافة الفائز لأداء فريضة الحج، والعمرة في شهر رمضان.
هل ممكن أن نتخيل حجم الإقبال من قبل مليار ونصف مسلم في العالم على «تطبيق» الإذاعة والذي يعد مرجع النجاح حاليًا؟
وسيتم استقطاب الجيل الناشئ عن طريق تقديم جوائز منح التعليم الجامعي في جامعات المملكة الإسلامية، بل وحتى العلمية منها. سيعود هؤلاء الطلبة ليكونوا خير سفراء للإسلام ولهذه البلاد في أوطانهم. وستكون هناك جوائز لأصحاب الديانات الأخرى والذين يرغبون في بث روح التسامح والابتعاد عن عداء المسلمين المنتشر حاليًا في الغرب. إن مكافأتهم واستضافتهم لزيارة المدن السعودية وحضور الفعاليات التي تحدث في بلادنا سيكون له الأثر الجميل في نقل رسالة هذا الوطن. فهم الذين يملكون الرأي السديد، وليسوا ممن يمدحون إذا وصلوا ويشتمون إذا غادروا.
5 - المحتوى
إن التحول الذي تشهده المملكة العربية السعودية لا يمكن استيعابه في صفحة أو لقاء أو برنامج تعريفي. لابد من إعادة الشرح وتوضيح النقاط واستقبال الاستفسارات واستضافة المسؤولين وترجمة المقابلة إلى جميع لغات العالم.
من المتوقع أن تقوم كل جريدة أو مجلة محلية بحجز الوقت المناسب لبث «بود كاست» خاص بها، يستمر حوالي نصف ساعة، وتتبناه الإذاعة.
تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها سيكون محورًا مهما للإذاعة. يكفي أن تقوم إذاعة هذه البلاد تعليم المسلمين قراءة الفاتحة بشكل صحيح. المتابع المجتهد سيتم تقديم منحة له ليحضر دورة مكثفة في اللغة العربية. يستطيع الفائز أن يطلع على البلاد والتطور الحقيقي فيها بشكل مباشر.
أما تقديم المحتوى الحقيقي للدين الإسلامي سيكون تاج وفخر الإذاعة. وعامل الجذب الحقيقي لها. وسيكون بالطبع بدون أي فواصل إعلانية، فهذه خدمة الدين والرسالة الحقيقية لهذه البلاد.
استضافة علماء البلاد وترجمة اللقاء معهم بلغات العالم سيكون أحد البرامج المنتظرة بفارغ الصبر. ومن هنا نقضي على فساد الرأي والتعصب وتشويه الدين.
في جعبة التطوير... الكثير، وفي حال كانت الفكرة مقبولة فستكون - بإذن الله مثمرة - ، ويمكن للطرح أن يكون مطولًا والشرح مسهبًا.