سهوب بغدادي
إننا في عصر السرعة يا سادة! يعني أن كل شيء سيصل إليك في دارك لا محالة، بما في ذلك التقليعات والترندات والإشاعات والجيد والسيئ، إنه كم هائل من المعلومات والانطباعات التي تفوق قدرة العقل البشري وبخاصة اليافعون والأطفال، فنتعرض لحملات مسيَّرة ومقننة من الدعايات تارة ومن التضليل تارة أخرى، والأدهى من ذلك التشكيك والتأليب وغيرها من المحتويات المدروسة والعشوائية التي نتج عنها ظواهر اجتماعية وتوجهات ومبادئ وآراء لم نعهدها -فالله المستعان - إلا أن الوعي بالشيء إحدى أهم الوسائل لحل الإشكالية أو التقليل من تداعياتها السلبية، بل في أحوال كثيرة -بفضل الله- ثم بتسخير العقل والعلم والمعارف نجد أننا نستفيد من المعضلة ونحولها لصالحنا، في هذا السياق، اتضح من خلال الوسوم على مواقع التواصل الاجتماعي أن للفتيات متطلبات وللشباب كذلك، فمن يطلب طلباً يقوم الآخر بطلب عشرة وهكذا دواليك، حتى أصبحت المطالب متوقعة ومربوطة بما نراه ونسمعه على الهاتف أو التلفاز، فالجمال مطلب أساس لا بد منه، والغنى غاية لا مفر منها، وما إلى ذلك بغض النظر عن النطاق الذي يطرح فيه، سواء كان في الزواج أو الوظيفة أو القبول الاجتماعي من قبل فئة ما! كل هذا فُرض علينا من قبل شاشة على مر الزمان لننبذ التميّز الرباني الذي وُجد في كل روح تتنفس تضحك وتعطف وتملأ المكان. من هنا، أتطرق لموضوع المعايير السطحية التي تداخلت في موضوع بديهي وإنساني، ألا وهو تربية الحيوانات الأليفة، باعتبار نشاطي في مجال إنقاذ الحيوانات وتبنيها، وجدت العديد من الأشخاص الراغبين في التبني أنهم يأتون بقائمة مواصفات شكلية، «أبغى القط حلو، وفيه فرو، عيون زرقاء، لون أبيض، هجين مع سلالة معينة، والأسوأ عمره صغير!» كل هذه المعايير التي نصنف بها حيوان ضعيف في أمس الحاجة للعطف والإيواء، يقبع خلفها ماضٍ قديم من البرمجة على السطحية وتقديمها على الفحوى والجوهر، إن أغلب من يحصل على كل هذه الصفات على الأغلب سيتخلى أو يصدم عندما لا يتوافق الحلم مع الواقع اليومي، فتلك العيون الزرقاء تمتلكها قطة متمردة أو شقية لن يتمكن من احتوائها أو لا يوجد لها متسع من المسكن لتفرغ طاقاتها، فسرعان ما تبدأ بالتسلّق على الستائر وخدش الأثاث والمواء ليل نهار لجذب الانتباه حتى خلال ساعات الراحة والنوم، فمن يمتلك تلك النظرة الهامشية في إدخال حياة جديدة إلى حياته دون التوقف على الروح والشخصيوالتصرفات ومدى ملاءمتها مع أسلوب الحياة؛ لن ينجح على الأغلب، ولا أعمم المسألة على تبني الحيوانات، بل على مسائل الحياة واختياراتنا ككل.