الهادي التليلي
بعد كل نكسة تاريخية تعترض القارة العجوز تحاول أنظمتها إعادة إنتاج قوتها سواء بحلول تعتمد على الذات أو بالاعتماد على مصادر تفوذها الخارجي سواء إبان الحرب العالمية الأولى أو الأزمة الاقتصادية العالمية 1929 أو إبان الحرب العالمية الثانية وغيرها.
ولكن الحرب الروسية الأوكرانية والتي هي ترجمة حرفية للصراع الشرقي الغربي والمواجهة الأولى بعد تحلل الاتحاد السوفياتي السابق عبر بروسترويكا غورباتشوف والذي يعد انتصارًا غربيًا على حساب الشرق.
الحرب الروسية الأوكرانية ليست حربًا بين معسكرين غربي ليبيرالي وشرقي اشتراكي المسألة أعمق من ذلك بكثير إنها حرب وجود أساسها النفط والغاز والقمح.
والحرب الروسية الأوكرانية تأتي في زمن تعدد موازين القوى فبعد الاثنينية في السيطرة روسيا وأمريكا ثم الأحادية بعد تحلل الاتحاد السوفياتي صار العالم أمام ترويكا في السيطرة أمريكي روسي صيني كما أن المواجهات السابقة كانت فيها أوروبا في وضع القوي المتنمر على مستعمراته القديمة التي تعد بمثابة الخزان خصوصًا بعد جائحة كورونا التي أسقطت قناع القوة عن أوروبا التي زادها خروج بريطانيا ألمًا على ألم.
أوروبا هي الضحية الأكبر للحرب الروسية الأوكرانية لأن أوروبا غير مستقلة اقتصاديًا خصوصًا في مجالات مصادر الطاقة التي يعد شتاؤها فصل استهلاكها الأعلى ومرسخ تبعيتها الأعلى للدب الروسي فهي تابعة لروسيا من حيث مصادر الطاقة، وفي اللحظة نفسها هي منخرطة كفاعل مركزي في المعسكر الليبرالي ومع الوقت أصبحت تابعًا إيديولوجيًا لخط السياسة الأمريكية وهو ما يعني أن حالها صار حال المستعمرات التي تعاني استعمارًا اقتصاديًا مزدوجًا ولكن بقناع المهابة الكاذب
شتاء أوروبا القادم سيكون أشد قسوة عليها من كورونا لأنه سيكون شتاءً بلا غطاء بعد الحظر المزدوج بين الغرب والشرق تفاعلاً مع الحرب الروسية الأوكرانية المواطن الأوروبي يرى القادم القريب بكثيرٍ من الرعب بعد الارتفاعات المكوكية في أسعار الطاقة.
الحرب الروسية الأوكرانية وبفعل استتباعات الشتاء يراها الخبراء مؤذنًا بتحول أوروبي نحو ضفتها الشرقية خصوصًا بعد ضعف مخرجات وحصاد بايدن في الخليج العربي بضغط من الشعوب الأوروبية التي لم تتعود على البرد شتاءً ونمت في ثقافة براغماتية فجة في لحظة الصفر لا يهمها ليبرالية من اشتراكية من بين بين.