صبار عابر العنزي
التمثيل رسالة قيمة ومهمة ذات مضمون ومحتوى إذا رشد نهض بالأمة فالفنان قادر على تجسيد الأدب المكتوب، وتقمص الشخصيات الدرامية في الرواية أو الحكاية، وأداء تفاصيلها بإقناع...
ويعد التمثيل مرآة المجتمع، وعلى الرغم من أن الهدف الرئيس لفن التمثيل هو الترفيه بالمقام الأول، إلّا أن التمثيل له أهدافٌ عظيمة منها إعادة تمثيل التاريخ وتبسيطه للمشاهدين، كما أن التمثيل له دور هام في تعليم الناس وتبصيرهم بحياتهم بشكل يتقبلونه من خلال قصة من الحياة اليومية.
ويلعب الفن التمثيلي دوراً هاماً بالمجتمع لذلك يجب أن تتوفر فيه مقومات من شأنها تقويم أُسس المجتمع ومعالجة قضاياه دون إسفاف لذا يقع على الفنان والفن تحديات ومعوقات يواجهها في كيفية مد جسور التواصل بينه وبين الجمهور المتلقي بقالب وشكل إعلامي مميز ومقبول.
وقد يعتقد البعض أن فن التمثيل سهلٌ ولا يخدم أي غايات كبرى، ولكن على العكس تماماً يوجد أهمية كبيرة لفن التمثيل مثل الترفيه فهو بشكل عام يدخل البهجة والسرور لذواتنا بالكثير من الأعمال المسلية، مما يمنحنا فرصة للهروب من صعوبات الحياة الكبيرة التي تواجهنا، وكذلك رفع الوعي عبر طرقه للقضايا الإنسانية دون أي غش أو تمويه، وبالتالي يرفع من وعي الإنسان حولها، كما أنه يُعطينا لمحات وأفكاراً محتملة عن المستقبل الذي ينتظرنا.
وكل هذا يؤدي للتفكّر الذي ينتج عنه نقاشات كثيرة وأفكار كبيرة كما قالت الكاتبة تسنيم شلبي إنها تحفز العاطفة فغالباً ما يقوم فن التمثيل بتحفيز العاطفية والمشاعر الإنسانية بداخلنا من خلال تذكيرنا بالأوقات الماضية والمنسية، ويُحفز عاطفتنا وإنسانيتنا، وحتى مشاعرنا القبيحة ويروي لنا القصص والحكايات التراثية والأساطير التاريخية.
وللفن دور مهم أيضاً في ثقافة المجتمع وله إيجابيات وسلبيات حيث يرتبط ببناء وهدم المجتمع فهل ما يعرض الآن على شاشات السينما والتليفزيون والمسرح فنٌّ نافعٌ وخالٍ من الأضرار والمفاسد؟
بالطبع لا، فليس كل ما يقدم يصلح أن يعبر عن تاريخ الفن أو أشخاص, فهناك طفرة تكنولوجية لمختلف الأجهزة السمعية والبصرية ومنها دبلجة المسلسلات والأفلام ومنها ما هو نافع ومنها ما هو ضار وخاصة أن الطفل يتعامل مع هذه الثقافة وهذا اللون من الفن دون فهم أو وعي في ظل غياب الدور الرقابي للأسرة الذى أصبح ضعيفاً جداً في هذه الآونة.
وقد طغى الفن المسرحي والتليفزيوني وأظهر لنا عمالقة نشيد بهم وبتاريخهم وصنعوا لأنفسهم بصمة وعلامة فارقة في كل البلدان العربية.
والتمثيل فن قديم مارَسَه الإنسان منذ القدم من خلال تأديته للطقوس الدينية، والتعبير عن نفسه من خلال الرقص والغناء ومحاكاة الطبيعة للتعبير عن وجوده والتمثيليات التي نشاهدها أو نسمعها من خلال وسائل الإعلام مثل «التمثيليات الإذاعية» التي تعتمد في تأثيرها على المستمع على الكلمات والمؤثِّرات الصوتية، بجانب الموسيقى، والتمثيليات التلفزيونية، التي تعتمد على الصورة المرئية بمصاحبة الموسيقى والمؤثرات الصوتية، واستخدام آلة التصوير التلفزيوني.
وهناك «تمثيليات وطنية»، و»تمثيليات كوميدية» للتسلية والترفيه، تقدِّم الإضحاك بقصد إشاعة البَسْمَة في نفوس المشاهدين والمستمعين، إلى جانب «تمثيليات المناسبات» العامة، كالأيام الوطنية، وغيرها من المناسبات العامة والدينية الأخرى.
ومن أبرز أنواع التمثيل المسرحي، التمثيل الإيمائي، وهو نوع من التمثيليات الصامتة، يستعمل فيه الممثل الحركة والإشارات التعبيرية دون حوار وقد نشأت هذه التمثيليات في الأزمان القديمة، وعرفها الصينيون والإيرانيون والمصريون قبل أن تعرفَها بلاد اليونان.
وتعد مصر هي ضلعُ القاعدة لهذا الفن، حيث احتفظت بمكانتها ولم تنافسها أيّ دولة عربية على عرشها.. ولعلنا في هذه الزاوية نسبر أغوار الذائقة العربية الفنية غير الراضية في الغالب مما يقدم لنا من أعمال نتيجة القصور في المحتوى والتراجع عن مواكبة الفكر العربي المتقدم.