د.سماح ضاوي العصيمي
لا أحد منا يشكك في صمود تلك الفئة النقية من أبناء الشعب الفلسطيني، وحقهم كشعب في دولة عربية منذ عقود طويلة ذات مؤسسات وحكومة وحدود معترف بها دوليًّا، فأولئك الفلسطينيون الأنقياء الذين طالما سُحقت حقوقهم وتلاشت آمالهم على طاولة مداولات الحركات الفلسطينية الانفصالية ودعوات النخب منهم (التسويقية) حتى بات ما يعرف بـ(علم الاستهلاك والمتاجرة الفلسطينية).
فالعبث العاطفي في حقوقهم وتشويه تاريخ نوايا الدول الصديقة المساندة لهم في كل المحافل الدولية الرسمية؛ لتحصيل منافع مشبوهة واستحكام المتطرفين منهم في تأطير حقوقهم كحقوق وظيفية غير قابلة للحل، ومحاولة تدويلها وفق الظروف والمصالح النخبوية حتى اصطبغت تلك الصورة المشوهة كعادة وتقاليد سياسية وسمت الحق الفلسطيني العادل في أرضه وتاريخه وحدوده.
فأقول: يا أيها المسحوقون في الداخل الفلسطيني نعلم كما تعلمون، ونتألم كما تتألمون وندرك أن الإسرائيليين لا يفرقون في حملاتهم بين صغير وكبير منكم، وندرك كما تدركون أن تلك الأطراف الانتهازية منكم التي امتهنت تسويق دمائكم بصورة حزبية مقيتة تفرق بينكم في فتاوى قتلكم؛ فقد قتلتكم في فلسطين ثم شردتكم في العراق ولبنان وسوريا ثم عادت لمخيماتكم حيث كنتم فقتلتكم، ونعلم حالكم في سجونهم وابتزازهم الغذائي والأمني والديني لكم، فأنتم أيها المسحوقون لا يمكن لهؤلاء الحزبيين المتاجرين منكم خداعكم تجاه حقيقة إخلاصهم في تحرير أرض فلسطين وفي تنفيذهم للحلول الدولية لصالحكم، فقد كشفتهم أمامكم تلك الأزمات المتكررة على مر العقود والتي افتعلوها بفواتير دفع ثمنها دماء أبنائكم ولبنات منازلكم العتيقة.
تشهدون أيها الأنقياء على عمالة تلك الحركات وفصائلها واستعدائهم لكل ما هو فلسطيني يؤيد حلًا عمليًّا وسلميًّا ينهي معاناة شعب عاش لأكثر من ثلاثة أجيال في شتات ثقافي وسياسي وحقوقي، وتشهدون أيها المسحوقون على رميهم لكم بالخيانة وتقصيركم في الولاء والتبعية لهم ومحاكمتكم ظلمًا وتجريدكم من إنسانيتكم إن ارتفع صوتكم على صوتهم ميدانيًّا أو حتى إعلاميًّا، فطالما كانت تلك الحركات الانفصالية وسيطًا استخباراتيًّا ذا تنسيق عالٍ مع الاحتلال لاحتلالكم وتجفيف آمالكم.
ففي النهاية ستكون العاقبة لكم يومًا؛ سيضمر إدمان تجارة استعطافهم على حسابكم، فتجارة بائرة السلع لا تدوم؛ تحكمت بهم أزمات العالم وتأرجحت بهم حسابات كفاته ومصالحها، فأنتم أيها المسحوقون لكم النصر كسنة كونية؛ ومن سننه تعالى أن يخافكم هم الظلمة والمحتلون، وفصائل الفلسطينيين الانتهازيين والحزبيين المتطرفين، فأنتم المطلوب الحقيقي الذي بتصفيته ستندفن القضية الفلسطينية كقضية منصفة لشعب يمتلك الحق في دولة قائمة.