عثمان بن حمد أباالخيل
نتائج غير محببة، ومواقف غير مقدرة، وعلاقات متوترة، وزلة لسان مؤلمة، وفجوة في العلاقات، وغصة في القلب خليط الألم والتباعد والجفاء وجميعها تقع تحت مظلة حسابات خاطئة تجاه الآخرين وتجاه الواقع. حسابات خاطئة في التقدير ومعرفة النتائج وحصر القرار في النظر في الحاضر ونسيان وتناسي المستقبل. تلفت حولك الكثير من الناس لا يحسبوها صح ويتسرعون في الأحكام الخاطئة والدخول في نوايا الآخرين وكأنهم يملكون العصا السحرية.. هذه الشريحة من الناس لا يهم ردة الفعل لكنهم يؤمنون بما يقولون ولا يهم ما يُقال في حقهم.
(أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان)
- الإمام الشافعي
بحر الندم، بحر ممتلئ بالأشخاص الذين لمْ يحسبوها «صح» وتجازوا حدود المعقول في تصرفاتهم وأقوالهم وعلاقاتهم، بحر الندم عميق، عمق ما يشعر به الإنسان الذي يعذبه ضميره حين أدرك إن اتجاهه في الطريق المظلم. ألوم الإنسان الذي يكرر الحسابات الخاطئة، ألم يدرك ألم يفهم إنه مخطئ أعتقد -والله أعلم - أن الإدراك في الشرق وهو في الغرب ففي كل مرة يقع في نفس الخطأ. الزوج يدرك حين يحسب الأمور كما يحب لكنه مخطئ، الزوجة تتسرَّع في الحكم على زوجها فهي لم تلم بالموقف، الأبناء يخطئون في تصرفاتهم مع آبائهم وأمهاتهم بسبب عدم بعد النظر وعدم الإدراك وعدم حساب العواقب. هي الحياة حبلى بالأشخاص الذين لا يحسبونها صح. (إذا حار أمرك في شيئين ولم تدرِ حيث الخطأ والصواب، فخالف هواك فإن الهوى يقود النفس إلى ما يعاب) الإمام الشافعي.
هذه هي النصيحة الأغلى التي أقدمها لكل إنسان أحسبها «صح» وخذ وقتك بالتفكير بالحاضر والمستقبل وافتح عينيك لما حولك وكن واقعياً حين تحسبها ولا تتجاوز حدود العقل. بمعنى نحسبها «صح»، ونقول كلاماً معقولاً وحقيقياً ومنطقياً والفيصل بيننا الواقع والنتيجة التي نتوقعها. الاندفاع وراء ما يُقال وما نسمع وما نقرأ ليس دائماً صحيحاً الله وهبنا العقل ومن ثم التعقّل فكن واقعياً في التفحّص والتثبّت ولا تركض وراء السّراب فتموت ظمأ. أمهات يعانين من تصرفات بناتهن في الأقوال والأفعال ومن سوء التعامل إنهن بنات غير مدركات ولا يحسبنها «صح» وإن حسبنها فهن غير مدركات بسب ما يحيط بهن من مؤثِّرات غير واقعية ومنطقية وما على الأم إلا الانتظار والفرج من الله حين تحسب البنت تصرفاتها «صح»، أليس كذلك؟
«أحسبها صحّ تعشها صحّ» هي الحياة بكل ألوانها علينا أن نحسبها «صح» وكما يُقال لا يصح ألا الصحيح وإن اختلف معه رأيك. أولئك الذين يزيِّنون الحياة للآخرين ويزرعونها ورداً وهم يعرفون أنهم يكذبون، خافوا الله ولا تمدوا أيدكم الملوثة بالمكر والخديعة وكفوا عن تزيين الواقع حين يكون واقعاً مظلماً منغمساً بالويلات.
همسة: (الأخطاء من الماضي وعليك حسابها «صح» في المستقبل).