علي الصحن
قبل أكثر من (65) عاماً كانت هناك مجموعة شبان تمارس كرة القدم على سبيل الهواية وقضاء وقت الفراغ الطويل، في وقت لم تتوفر فيه المزيد من الهوايات أو السبل للترويح عن النفس، في تلك الأثناء كان الشيخ عبدالرحمن بن سعيد يكتب الأحرف الأولى في تاريخ نادٍ جديد في العاصمة السعودية، سيكون بعد سنوات ظاهرة بارزة على مستوى القارة برمتها.
وهناك في شارع الظهيرة إلى الشمال من قصر الحكم، كانت النواة الأولى لنادي الهلال، حيث صعوبات البدايات، وعقبات الانطلاق وندرة الموارد وصعوبة تأمين أبسط الاحتياجات، غير أن النادي الذي تأسس على أرضية صلبة، وقاعدة قوية، ورغبات جامحة في تحقيق النجاح، لم يكن بحاجة إلى أكثر من أربع سنوات لتحقيق أول إنجازاته الكبرى، التي توالت فيما بعد، مشكلة بسمطي ذهب مرصع بكل الجواهر والدرر، واضعة النادي الأزرق في القمة القارية والمحلية لا ينافسه منافس ولا ينازعه منازع ولا يقاربه أحد.
سبعة عقود من الزمن تقلب فيها الهلال وتغيرت أوضاعه شأنه شأن كل مناحي الحياة، يتقدم عشر خطوات للأمام ويتراجع خطوة أو خطوتين للخلف، وفي كل أحواله، بقي حاضراً لا يغيب، وقمراً مشعاً لا يعرف المغيب، تخصص الفريق في كسر أرقامه، وبقي كل قياسي مرافقاً لاسمه، وبات حضوره القاعدة، وغيره الاستثناء.
في عالم المنافسة ظل الهلال وفياً مع مدرجه، وبقي المدرج على عهده مع هلال، لم يخذل الفريق محبيه يوماً، وظل المدرج يسنده دوماً، يسقي الهلال أنصاره الفرح كل موسم، حتى تعودوا عليه، وصار المهم لديهم أن لا يغيب، ولا معنى للقب إن لم يتبعه الفريق بآخر، والسؤال المكرر بعد كل بطولة : «رقم كم» ..نعم فالإنجازات في لغة الهلاليين أصبحت مجرد أرقام يوسع من خلالها المسافة بينه وبين منافسيه.
العمل المؤسسي هو ديدن الهلاليين منذ سنوات طوال، حتى ولو لم يكن هناك ميثاق مكتوب في هذا الشأن، لكنه حب الهلالي للهلال فقط، وكل إدارة تأتي مكملة لما قبلها وواضعة الأسس لمن بعدها، لا يفكر الهلالي بإنجازات شخصية، ولا ينظرون لاعتبارات وقتية، ولا تهزهم مشاكل عابرة، فهم قد يختلفون على كل شيء، ويتفقون على الهلال، وقد يقع الخلاف ويكون الصلح من أجل الهلال، وكل المشاكل تذوب من أجل مصلحة الهلال ... وهذه من أسرار هذا الهلال وعظمته واستمرار حضوره.
(65) عاماً ...مرت من بدايات التأسيس وأيام الهواية، حقق فيها كبير القارة كل شيء، قبل أن يشهد منتصف الأسبوع الجاري إشهار الهوية الجديدة لنادي الهلال التي يؤمل الهلاليون أن تشهد مرحلتها المزيد من الإنجازات والنجاحات، وأن تكون هذه الهوية مفتاحاً للتوسع في كل المجالات، وأن تحقق أهداف المخططين من حيث زيادة استثمارات النادي ورفع قيمته السوقية وزيادة حجم مداخيله وتنويع مصادر إيراداته، وجذب المزيد من الشركاء والرعاة في كل الألعاب والمناشط التي تنافس فيها ألعاب النادي أو يتولى تنظيمها.
من الهواية إلى الهوية تاريخ يحاكي تاريخاً، ومجدٌ تتلوه أمجادٌ، جعلت الهلال ملء السمع والبصر، ومحل الاهتمام أينما حطّ ورحل، والإضافة التي يطلبها المنظمون والباحثون عن النجاح في كل مكان.
الهلال ليس مجرد فريق ولا مجرد نادٍ فقط، الهلال مؤسسة عملاقة تحقق الأرباح وتنشر السعادة وتوزع الفرح في كل مكان.