صبار عابر العنزي
نحن أمة بين الأمم والشعوب، نتميز ونفضل الألقاب وفي نفس الوقت نزدريها وتكثر الألقاب بيننا من باب التضخيم والتمييز والمحاباة لذوي المكانة أو المال واللقب هو اسم يوضع بعد الاسم الأول، أو يُستبدل به الاسم، للتعريف أو التشريف أو التحقير أحيانا.
وفي الإسلام اللقب لأجل التحقير منهي عنه، فذكر في القرآن الكريم {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ}، وقد يجعل لقب السوء علما من غير نبز، مثل الأخفش والجاحظ ونحو ذلك ألقاب شاع استعمال الألقاب عند العرب سابقًا.
وذكر الكاتب العراقي الممتع خالد القشطيني أن كثيراً ما تحمل أسماؤنا وألقابنا وكنيتنا بعض الدلالات، فمنها ما يعود إلى الارتباط الجغرافي كالحلبي والحجازي والبصري وتدلنا ألقاب أخرى على ارتباط السلف بحرفة من الحرف كالخياط والنجار وكلها تدل على الانتماء المدني بالحرف، أو المهنة كالمفتي والقاضي ومن الألقاب ما يشير إلى الانتماء القبلي كالشمري والعنزي وكلها ترتبط بالبداوة والعروبة.
وفي هذا الزمن المادي أصبح الركض والبحث عن الألقاب أمر سائد عند الكثيرين فالضعفاء الذين يفتقدون التقدير من الآخرين والثقة في أنفسهم يهرولون إلا بعض الإعلاميين أو الشعراء لتخليد أسمائهم بألقاب لتتناسب مع قدراتهم أو إمكاناتهم كأن يصفه بالدكتور أو الشيخ أو المهندس أو الداهية أو أي لقب ضخم كوسيلة لجذب انتباه الآخرين ولفرض احترامهم لصاحب اللقب أو أغرائهم بالتعرف إليه والتقرب منه فهل اللقب أصبح اليوم ضرورة اجتماعية لمنح وضع معين أو «برستيج» وهل يضفي اللقب الاحترام والتقدير على الشخص أم العكس...!
هناك من يرى إذا كان اللقب يعجب الملقب، ولا إطراء فيه مما يدخل في نهي الشرع فهو جائز أو مستحب، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لقب أبا بكر بالصديق، وعمر بن الخطاب بالفاروق، وعثمان بن عفان بذي النورين، وخزيمة بذي الشهادتين، وهذه ألقاب يفتخر بها أصحابها، والألقاب الحسنة موجودة في كل الأمم تجري مخاطباتهم ومكاتباتهم.
ويعد التنابز بالألقاب من العادات السيئة والمحرمة في الدين الإسلامي، وهي عادة حذرنا منها إسلامنا الحنيف عبر كثير من الآيات القرآنية، والاحاديث الشريفة، ولهذا التنابز بالألقاب هو نعت الشخص بلقب مهين ويقدم له الإهانة، وبالتحديد إطلاق بعض الألقاب المحرمة وهو نعت الشخص بكل صفة يكرهها الإنسان.
ويصبح الاسم في بعض الأحيان، كما قالت الزميلة الإعلامية عبير يونس رمزا يستحضر عند ذكره، قامة إبداعية نادرا ما تتكرر في التاريخ، ويعود الفضل الأول في اختيار الاسم للأهل الذين كان لهم أسبابهم عندما خصوا فلانا باسم ما دون غيره من الأسماء، لكن بمرور الزمن ربما يطلق عليهم اسم آخر، يطغى على الأول.
ودرجت الأسماء المستعارة في حياة الممثلين كثيرا، بينما جاءت في حياة الأدباء والشعراء بدرجة أقل، ولكن شهرة الممثلين كان مقتصرة على العصور الحديثة، بينما اشتهر الأدباء والشعراء منذ القديم سواء في تاريخ الإبداع العربي، أو تاريخ الإبداع الغربي.
وعرف بعض الشعراء العرب بألقابهم، ومن وراء كل لقب قصة، لا تخلو من الغرابة، مثل المهلهل وهو لقب للشاعر عدي بن ربيعة بن الحارث بن مرة التغلبي الوائلي، الذي لقب بالمهلهل كما كان يقال لأنه كان يلبس ثيابا مهلهلة.
أما الفرزدق فهو لقب الشاعر همام بن غالب بن صعصعة التميمي وكنيته أبو فراس، ولقب بالفرزدق لضخامة وتهجم وجهه ويعود لقب المتنبي للشاعر أحمد بن الحسين أبوالطيب الجعفي الكندي، وفي العصر الحديث برز اسم الأخطل الصغير، لقب للشاعر اللبناني بشارة عبد الله الخوري، وأطلق عليه هذا اللقب اقتداء بالشاعر الأموي الأخطل التغلبي كما لقب بشاعر الحب والهوى.
ومن أشهر الألقاب بدوي الجبل، ويخص الشاعر السوري محمد سليمان الأحمد الذي يعد واحدا من أعلام الشعر العربي الحديث حقق في تجربته الكلاسيكية التوازن بين الخيال والفكرة.